لطالما كانت امتحانات الشهادة الثانوية في سوريا مهمة شاقة وصعبة على الطلاب كونها مرحلة مصيرية تؤهلهم بعد اجتيازها لمتابعة دراستهم الأكاديمية في الجامعات، وسط تشديد أمني كثيف على المراكز الامتحانية بالإضافة للتشديد على عملية التصحيح.
ومع دخول الحرب في سوريا عامها السادس أصبحت امتحانات الشهادة الثانوية بكافة فروعها بحالة من الفوضى والانفلات الأمني وعدم الانضباط، سواء من ناحية الرقابة الامتحانية وحتى في مرحلة التصحيح، فقد قامت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بتداول أخبار حول تسريب أسئلة الرياضيات والديانة ونشرها على المواقع قبل ساعة من بدء الامتحانات .
وبدوره نفى وزير تربية النظام “هزوان الوز” تلك الشائعات بأن لا صحة لها، والوزارة تتواصل مع الجهات المختصة لمعرفة مصدر تلك الصفحات التي تنشر الأسئلة، وأوضح أنه يمنع منعا باتا تسليم أي مغلف إلا أن يكون مختوما وبوجود رئيس المركز وأمين السر ومراقبين، مشيرا إلى أن هذا يؤثر على سمعة الشهادة السورية والعملية التربوية والوطن ككل.
ولعل من يعيش في مناطق النظام يدرك تماما مجريات الواقع التي لا تمت لتصريح الوز بأي صلة، فسواء كانت الأسئلة مسربة أم لا، فإن ما يحدث داخل المراكز الامتحانية أفظع من تسريبها، فقد نشرت صفحة “يوميات قذيفة هاون” شكوى من معلمة تقول إنها تراقب في أحد المراكز وتم نقلها إلى مركز بمنطقة بعيدة لأنها رفضت أن تدخل الأجوبة لابن مسؤول مدعوم، بالإضافة لأوراق الإجابات التي تدخل حصرا لأبناء المسؤولين.
وبررت إحدى الصفحات الموالية أن من ينشر الأسئلة صفحات عميلة للغرب وهدفها تشويه صورة امتحانات النظام، وضرب سمعة الشهادة السورية، وأن الصفحة نشرت الأسئلة بعد ساعة من بدء الامتحانات لكن بتاريخ نشر سابق أو باستبدال منشور بآخر.
يحاولون بشتى الطرق أن يقنعوا للعالم أنهم على حق وصواب وأن امتحاناتهم تجري بنزاهة ومصداقية وأن الوضع تحت السيطرة- موهمين أنفسهم بذلك، إلا أن الحقيقة تناقض ذلك، “راما” طالبة ثالث ثانوي علمي من مدينة إدلب المحررة تقول:” كنت أنوي ألا أقدم الامتحان إلا أن صديقاتي أقنعوني وذهبت معهن إلى حماه، لكن ما رأيته في المراكز الامتحانية كفيل بأن تلقبها بالمسخرة، فأبناء “الشبيحة” وأقاربهم لهم معاملة خاصة، أمام أعيننا تصلهم ورقة الإجابات دون خوف أو خجل”.
وتضيف راما :” مسؤولو التربية يتجولون في المراكز الامتحانية ويدعون أنهم يشددون في المراقبة، لكن التشديد للأسف يطبق فقط على من لا يملك أي دعم أو لمن ليس لديه “شبيح” يُدخِل له الأسئلة “.
ومن التعليقات على خبر التسريب تقول ماجدة :” على جميع الطلاب اللي سهروا الليالي بالبرد والعتمة والجوع أحيانا، والطلاب اللي أهلهم صرفوا مدخراتهن للدروس والأساتذة أن يضربوا عن الدخول للامتحان وعدم إكماله وإنهاء هاي المهزلة المكشوفة بالاستهتار بالعلم وبالتدريس (بس يا ترى بيقدر هالشعب يتفق مع بعضه شي مرة بهالتاريخ هي اسمها المعادلة الصعبة لكنها ليست المستحيلة)”.
واقعنا في سوريا أشبه بالدوامة، فالتسيب والفوضى والفساد شعار دوائر النظام، وليست وليدة الحرب، ومن المفترض أن تكون العملية التعليمية مثالا للنزاهة وللقيم المثلى، فأي جيل سينشأ من تلك الامتحانات؟! وإلى متى سيستمر النظام بسياسة المراوغة والاستخفاف بعقول المواطنين؟!
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد