ووجد نحو ألفي لاجئ أفغاني مأوى لهم خلال الأيام الماضية في معسكر سخيستو القريب من أثينا، حيث تحاول السلطات إظهار المخيم في مظهر راقٍ، وذلك بعدما أقفلت السلطات المقدونية الحدود في وجه اللاجئين الأفغان منذ ثلاثة أسابيع، ومنعت مؤخرا جميع الجنسيات من المرور.
وفي مرفأ بيريوس، يحاول اللاجئون السوريون أن يجعلوا إقامتهم هناك قصيرة قدر المستطاع، فهم لم يقتنعوا بعد بأن أوروبا لم تعد تقبل دخولهم إليها، خاصة أن الكثيرين منهم جاؤوا حديثا فارين من الحرب في بلدهم.
وأعطى تصريح المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأنها لن تترك اليونان للفوضى، دعما معنويا لأثيناالتي أصبحت على يقين بأن اليونان لم تعد مجرد معبر للاجئين، وأنها ستضطر لاستقبال أعداد منهم. وتقدر جهات حكومية أن قرابة مليون لاجئ عبروا الأراضي اليونانية باتجاه أوروبا، وبقي منهم نحو 25 ألفا داخل البلاد.
وقال أستاذ العلوم السياسية في كلية الإعلام بأثينا ذيمتريس خارالامبيس إن ميركل تخشى أن تغلق دول البلقان حدودها تماما، بينما يستمر الأتراك في السماح للاجئين بالعبور إلى اليونان، مما يعني تكدس آلاف اللاجئين فيها.
وأضاف أن ثمة مشكلة عامة تواجه ميركل في طريقة تعاملها مع ملف اللجوء في الدول الأوروبية وداخل ألمانيا، حيث تحتج طبقات من الفقراء على الدعم المقدم للاجئين.
خيارات ميركل وأثينا
وبخصوص تهديد رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس باستعمال حق النقض في القمة الأوروبية القادمة، قال خارالابيس إن تسيبراس يحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، معتبرا أن مطالبة دول البلقان لليونان بإغلاق حدودها البحرية في وجه اللاجئين تعني عمليا إغراق مراكب اللجوء في بحر إيجه.
وفي السياق نفسه اعتبر الأكاديمي المقرب من الحزب الحاكم باليونان سوتيريس روسوس أن كلام ميركل يعني أنها لا تريد أعدادا كبيرة من اللاجئين في اليونان، مما يعني ضربة للسياحة في البلد، إضافة إلى مشاكل أخرى سياسية واقتصادية.
وزاد روسوس أن أمام ميركل خيارات عديدة، منها الضغط على دول أوروبا لقبول المزيد من اللاجئين، أو ربط الخيار الأول بمساعدة اقتصادية لليونان بحيث تستطيع أثينا استضافة المزيد من اللاجئين.
ورأى روسوس في حديث للجزيرة نت أن هناك خيارا ثالثا أصعب يقتضي أن تفرض ألمانيا على تركيا إجراء رقابة صارمة على سواحلها بوسائل اقتصادية بشكل رئيسي، غير مستبعد تطبيق الإجراءات والخيارات الثلاثة جميعها، بينما تجد اليونان نفسها أمام خيار واحد، وهو إيواء أعداد من اللاجئين في مراكز الاستقبال.
واستغرب المتحدث عدم قدرة أوروبا على تدبر أمر مليون لاجئ، وهو العدد الذي تستضيفه الأردن وحدها. وفي الاتجاه نفسه توقع الأكاديمي في جامعة بانديون للعلوم السياسية خارالامبوس باباسوتيريو أن تضغط ألمانيا خلال القمة الأوروبية القادمة على الدول الأعضاء التي لم تستقبل العدد المطلوب من اللاجئين، وذلك لتوزيعٍ عادل للاجئين على دول الاتحاد.
وأشار روسوس إلى أن اليونان تستطيع احتجاز غير اللاجئين في معسكرات مغلقة، وذلك لتمرير رسالة للطامحين في القدوم إليها أنها ليست ممرا، مع فتح المجال أمام اللاجئين لتقديم طلبات اللجوء لديها.
تكلفة مالية واجتماعية
ونسبت صحيفة “إيثنوس” اليونانية إلى تقرير لصندوق النقد الدولي تقديره أن اللجوء يكلف أثينا حوالي 300 مليون يورو، أي ما يساوي 0.17% من قيمة الناتج المحلي اليوناني، بينما أنفقت السويد نسبة 0.5% من ناتجها الوطني، وأسهمت الدانمارك بنسبة 0.47%، وأنفقت كل من ألمانيا وإيطاليا حوالي 0.20% من ناتجها المحلي.
وبينما تستمرّ حملات المساعدة والتضامن مع اللاجئين من عشرات المنظمات والأفراد، بدأ اليمين المتطرفيبث حملات كراهية مفادها أن الحكومة اليونانية تخطط لإسكان نحو مليون لاجئ مسلم في اليونان، مما يعني تغيير ديمغرافية البلد، وهي الدعاية التي وجدت لها صدى لدى فئات واسعة من اليونانيين.