منذ أسابيع صرح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير(1) “أن على قطر التوقف عن دعم جماعات مثل الإخوان المسلمينوحركة المقاومة الإسلامية (حماس)”، وفي وقت لاحق نشرت هيئة كبار العلماء بالمملكة(2) تصريحات وفتاوى بعضها قديم وتم إعادة نشره تحذر فيه من جماعة الإخوان بأنها ليست على منهج صحيح وتخرج على الحكام ولاة الأمر ولا تعتني بالعقيدة، وأتت هذه التصريحات في سياق حملة المقاطعة السياسية والدبلوماسية التي شنتها المملكة السعودية والإماراتوغيرهم من الدول ضد دولة قطر مطلع شهر (حزيران/يونيو).
كانت حملة المقاطعة قد بدأت مصحوبة بحملة إعلامية أرسلت رسائل غير واضحة ومختلطة في البداية(3)، وهو ما دفع الوزير السعودي لتوضيح سبب خلاف المملكة مع قطر بشكل أكثر تفصيلا بما وصفه دعم قطر للإخوان المسلمين وحماس مضيفا في لهجة حادة أنه قد فاض الكيل من علاقة قطر بالأخيرين.
التصعيد الأخير ضد قطر قد يكون مفهوم من دولة الإمارات والتي كانت منذ الربيع العربي واضحة وغير مترددة في عدائها للثورات العربية والإسلام السياسي منذ البداية، إلا إن هذا التصعيد يُمثل التفاتة حادة في السياسة السعودية الإقليمية والخارجية، فبعد أن كانت السعودية والإمارات على إستراتيجية واحدة وقت المد الثوري للربيع العربي في دعم الانقلاب في مصر والضغط على حكومة النهضة في تونس والتضييق على الثورة في اليمن، إلا أنه منذ انفجار الوضع في اليمن وسيطرة مليشيات الحوثيين على صنعاء، وهو ما تم اعتباره انتصارا لإيران وليس للسعودية ومع استمرار النفوذ الإيراني في سورياولبنان والعراق، اتجهت السعودية لترتيب أولوياتها ووضعت المواجهة مع التمدد الإيراني في المنطقة على راس أولوياتها(4) .
فتم اعتبار ذلك التهديد الإيراني هو التهديد الأكبر للأمن القومي السعودي والخليجي وليس مشروع الإخوان المسلمين أو تيارات الإسلام السياسي أو تقارب الدولة القطرية معهم.
وطوال العامين السابقين تحديدًا منذ دخول الحوثي صنعاء شكلت المملكة تحالفاتها مع تركيا وتقاربت مع حماس وفصائل المعارضة في سوريا وغير ذلك من خطوات من شأنها تقليل الحضور والنفوذ الإيراني في الإقليم. إلا أنه وعلى عكس ما كان متوقعًا لم تدم تلك السياسة طويلا (5)، وعادت المملكة من جديد ترفع شعار المواجهة مع الإخوان المسلمين وحماس أكثر من الحديث عن الخطر الإيراني وكان الميدان الأساسي هذه المرة هو التصعيد والحصار ضد قطر.
أمام هذا التحول والتردد حالة عدم الحسم، يبرز سؤال مُلح، ما الذي يدفع المملكة السعودية المستندة أساسًا على أيديولوجية إسلامية وشرعية دينية في الحكم والسُلطة إلى توجيه كل هذا العداء والإصرار عليه لحركات الإسلام السياسي السُني في الوقت الذي باتت إيران فيه تهدد أمنها القومي وتنشر نفوذها في المنطقة بشكل لم يحدث من قبل في تاريخالصراع بين البلدين؟
المصدر : الجزيرة