بقلم: رمزي منصور
قضية الشعب الفلسطيني تمر بفترة صعبة لم تشهدها منذ عقود، حيث تعيش القضية الفلسطينية أيامًا قاسية قد تكون الأكثر قسوة وانتهاكًا لإنسانيتهم. رغم التفاؤل الذي كان يحمله الفلسطينيون بمستقبل قضيتهم بعد توقيع اتفاق أوسلو أن ذاك، إلا أن سياسات الاحتلال المختلفة واصلت تفاقم حالتهم إلى الأسوأ. السيناريو الأصعب كان دائمًا حاضرًا في أذهانهم، حيث يستمر الاحتلال في منعهم من حقوقهم ويعمل على تقييد فرص حريتهم المستقبلية. اليوم أصبح السيناريو الأسوأ واقعًا صريحًا، مما يستوجب على الفلسطينيين ضرورة تحديد سياساتهم وترتيب خياراتهم في ظل المعطيات الواضحة والجلية.
أعلى النموذج
أسفل النموذج
قد يكون من الأمر المفيد إعادة النظر في وثيقة إسرائيلية وضعت قبل أشهر، من قبل مجموعة من الأكاديميين الإسرائيليين المتخصصين في مجالات مختلفة منها عسكرية وسياسية واجتماعية وقانونية، تتناول الحرب على غزة. تلك الوثيقة تعكس مدى حدود التفكير في المجتمع الإسرائيلي، الذي لم يتغير كثيرًا عن النظرة التي تشكلت عبر سنوات طويلة من الاحتلال. هذا خاصة أن التجربة الطويلة للاحتلال وتداعياتها لم تؤثر بشكل كبير على المنظور العام الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين. جاءت الوثيقة بعنوان: “من نظام إجرامي إلى مجتمع معتدل – تحويل وترميم غزة بعد حماس”.
وكان التركيز الأساسي في هذه الوثيقة على كيفية تحويل المجتمع في غزة ليصبح قابلاً للعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل. وقُدمت الوثيقة فرضية تفترض هزيمة حركة حماس كخطوة ضرورية، وأكدت الوثيقة على أهمية تحقيق هذه الهزيمة كنتيجة حتمية للورقة، مؤكدة أن هذه الهزيمة لا تتعلق بحركة حماس فقط، بل بالمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني بشكل عام، فاعتبرت هذه الوثيقة أن من الضروري أن يَشعر الفلسطينيون أن ملائمتهم ودمجهم في العيش تحت سياسة الاحتلال قد فشلت بناءً على ذلك، وضعت الوثيقة آليات لإعادة بناء المجتمع في غزة، وكانت مستمدة من السياسات التي تم تطبيقها من قبل الاحتلال، والتي تشمل فرض ثقافة الاندماج والخضوع مع الفلسطينيين من خلال المناهج التعليمية والدينية وغزو النظام التعليمي بشكل كامل.
تلك السياسات التي اتبعها الاحتلال في غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس أيضًا، بعد احتلالها في عام ١٩٦٧. ومع ذلك، لم تتناول الوثيقة بالطبع قضية الاحتلال بشكل مباشر، بل اكتفت بالتركيز على المفهوم السائد للحكم الذاتي الذي جسده اتفاق أوسلو، والذي يهدف إلى تجنب السلطات الإسرائيلية لتبعياتها السياسية والقانونية والاقتصادية. وقد يكون من المناسب، في إطار استعراض الحقائق الراهنة، إلقاء نظرة على الواقع السياسي في إسرائيل، حيث تحذر التحليلات الأولية من وجود خطر داخلي يهدد استمرارها. وما زالت حرب الإبادة الجماعية في غزة مستمرة من قبل الاحتلال الاسرائيلي الغاشم، بقيادة نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، حيث يواصل نتنياهو إطلاق تصريحات تؤكد استمرار الحرب ضد حركة حماس والمقاومة الفلسطينية حتى في حالات التفاوض وصولًا إلى صفقات تبادل.
بالرغم من تأكيد نتنياهو عدم رغبته في الدخول في حرب واسعة مع حزب الله في لبنان، الذي أعلن عن تصعيد عسكري على الجبهة الجنوبية تضامنًا مع الفلسطينيين في غزة، فإن العمليات التحريضية الإسرائيلية لحزب الله مستمرة، مما يزيد من تعقيد الوضع وإرباك معادلة الردع في تدهور مستمر. هذا يثير تردداً بشأن مصداقية إعلان نتنياهو عن عدم رغبته في التورط في حرب مع لبنان. يرجح البعض أن هذا التوجه يعود إلى أزمته الداخلية والتي تهدد استمراره في الحكم، حيث أن حكومته بدأت في طرح التعديلات القضائية منذ ذلك الحين، مما شكل تحديًا للمعارضة، وأدى ذلك إلى احتجاجات تتجدد أسبوعيًا، فلم تتوقف تلك الاحتجاجات إلا بعد نهاية الحرب على غزة من الملاحظ أن هذه الحكومة رغم الوضع الإجرامي في غزة والتوتر المتوقع مع لبنان، تقدم تعديلاً على قانون التجنيد الإجباري لزيادة فترة خدمة الاحتياط العسكري، مع تجاهل تام للأزمة الداخلية والمعارضة المتزايدة التي ترفض منع تجنيد المتدينين وتزايد النفوذ الديني في سياسة المجتمع.
على الصعيد الآخر، نتنياهو مستمر في التزامه بالائتلاف مع اليمين المتطرف، الذي يؤيد استمرار حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والتصادم مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، وسياسة التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية والقدس المحتلة. على الرغم من ذلك، تزايدت الاحتجاجات بشكل طارئ من قبل أهالي الأسرى المحتجزين في غزة والجنود المشاركين في المعارك البرية داخل القطاع، الذين يطالبون بإبرام صفقة تبادل واستقالة نتنياهو. يبدو أن نتنياهو مصر على سياساته على الرغم من التحذيرات الداخلية والدولية، مع تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية في إسرائيل وتصاعد الاحتجاجات الشعبية. ربما يكون من الضروري تسليط الضوء على السياسات التي اعتمدها مؤخرًا أحد أعضاء حكومة نتنياهو المتطرفة، وهو سموتريش وزير المالية، الذي يتولى أيضًا مسؤوليات إضافية في وزارة الدفاع، تتعلق باتخاذ القرارات المتعلقة بالإدارة المدنية. تلك السياسات تعكس التوجهات الحالية لحكومة الاحتلال تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية.
قام سموتريش بنقل مسؤولية إشراف المستوطنات في الضفة الغربية من الجيش إلى وكالة مدنية، مما يسمح لتلك المنظومة المدنية بالتدخل في شرعنة المستوطنات والتخطيط لبناء مستوطنات جديدة. تمنحه هذه الخطوة صلاحيات واسعة للإشراف على التخطيط وإصدار التصاريح اللازمة للبناء. كما تخطى سموتريش التدقيق القانوني المتخصص في الاستيطان، بتعيين مستشار قانوني خاص به، مما يعزز دور التنظيم المدني الذي يديره في مراقبة المستوطنات الجديدة، ويسرع في إنشائها شهدت الفترة الأخيرة تراجعًا حادًا في تطبيق القانون على البؤر الاستيطانية، مما يعكس انحيازًا متزايدًا نحو المواجهة العسكرية مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، دون أخذ ذلك في الاعتبارات السياسية أو الدبلوماسية الخارجية. هذا التوجه يظهر أيضًا في سلوك المؤسسة العسكرية التي تصعد عسكريًا ملحوظًا في الضفة الغربية مؤخرًا.
فيما يتعلق بالموقف الأميركي، وفي ضوء التطورات الأخيرة والتوتر المتزايد بين نتنياهو والإدارة الأمريكية، واتهامات نتنياهو لها بتأخير عملية إرسال المساعدات العسكرية، يمكن أن يكون من المفيد تتبع الأحداث الأخيرة التي تؤكد استمرار الدعم والتأييد القوي للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية. خلال خطاب حسن نصر الله الأخير، أكد على أن حزب الله سيصعد إذا قررت إسرائيل خوض حرب واسعة مع البنان، وفي رد فعل الولايات المتحدة على هجوم نتنياهو على الإدارة الأميركية، بعد زيارة المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان. خلال الزيارة، نقل رسالة تحذير بأن إسرائيل قد تشن حربًا كبيرة إذا لم تتوقف الاشتباكات الحدودية قريبًا، مع تأكيد الولايات المتحدة دعمها لإسرائيل في هذا السياق.
أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن الإدارة الأميركية وافقت في الأشهر الأخيرة على سلسلة حملات لنقل السلاح إلى إسرائيل، باستثناء حالة واحدة فقط تعلقت بقذائف ثقيلة، لتجنب استخدامها في الهجوم البري على مدينة رفح، والذي حذرت منه الإدارة الأمريكية. حيث من المقرر أن يلقي نتنياهو خطابًا أمام الكونغرس الأمريكي خلال الشهر المقبل، كمكافأة سياسية له من الولايات المتحدة، لأدائه المميز على الصعيد الداخلي الإسرائيلي، وفي حربه الإجرامية ضد الأبرياء بغزة، وتصاعد الممارسات العسكرية في الضفة الغربية، بالإضافة إلى التطورات بالمعارك الحدودية مع حزب الله.
وفي الختام، يمكن توحيد الشعب الفلسطينيين تحت راية منظمة التحرير الوطني الفلسطيني باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بالخارج، بعد أن فشلت اتفاقيات أوسلو في تحقيق ذلك، وتضم أطياف الشعب الفلسطيني المتنوعة، بما في ذلك حركة حماس، لتحمل مسؤولية الوضع الحالي، حيث أن حركة حماس لن تتجاوز أثرها بعد نهاية الحرب على غزة. في المقال الذي نشره سلام فياض مؤخرًا في مجلة الفورن أفيرز الأميركية، تم التأكيد على دور حركة فتح في المبادرة بهذا الشأن. وأكد فياض في المقال على عدم رغبة حكومة نتنياهو في التوصل إلى حل مع الفلسطينيين، وهو ما يتعارض مع تطلعات الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى. تثير هذه المعطيات تساؤلات فلسطينية هامة حول الإجراءات المطلوبة من الفلسطينيين بعد عجز الولايات المتحدة والغرب عن تحقيق مقارباتهم لحل القضية الفلسطينية وحماية أنفسهم في ظل واقع احتلالي مستمر.
تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية، وتحملها المسؤولية السياسية الرئيسية في الوقت الحالي، في ظل فشل منظومة أوسلو ومخرجاتها السابقة، يستلزم دمج القوى الفلسطينية المتنوعة التي تعكس تطلعات الشعب الفلسطيني وتعزيز الشرعية المطلوبة. هذا النهج يجب أن يقود إلى تحديد الأولويات الوطنية بناءً على التجارب التاريخية والواقع الراهن، وإقامة تحالفات تدعم هذه التوجهات وتساهم في تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني بشكل فعال. إن الظروف السابقة دفعت الفلسطينيين إلى قبول الضغوط العربية ثم الغربية والوصول إلى حلول إدارية للصراع، مما ساهم في تعزيز الوضع الإسرائيلي. واليوم يتطلب الوضع إعادة نظر في تلك السياسات، مع النظر في تطوير تحالفات جديدة تتماشى مع أهداف الشعب الفلسطيني وتساهم في تحقيقها بشكل أكثر فعالية.
Normally I do not read article on blogs however I would like to say that this writeup very forced me to try and do so Your writing style has been amazed me Thanks quite great post
Somebody essentially lend a hand to make significantly posts I might state That is the very first time I frequented your web page and up to now I surprised with the research you made to create this particular put up amazing Excellent job
I was recommended this website by my cousin I am not sure whether this post is written by him as nobody else know such detailed about my difficulty You are wonderful Thanks