نشرت الواشنطن بوست مقال كتبته “رنا المير” وهي نائبة مدير اتحاد الحريات المدنية في ولاية متشيغان الأمريكية، ومحاضرة في القضايا التي تتعلق بالخوف من الإسلام، وحرية التعبير واختلاف العرق والدين والجنس، وجاء فيه: كوني مواطنة مسلمة أمريكية، يطلب مني العديد من الإعلاميين والسياسيين وبعض الرموز الدينية وباستمرار إدانة الإرهاب، وذلك لإثبات ولائي للوطن الأمريكي، وكنت أرفض وبشكل قاطع القيام بذلك.
ليس هناك مجال للشك أن تهمة الإرهاب تلصق بكل من يتعاطف مع تنظيم الدولة الإسلامية، أو تنظيم القاعدة، أو جماعة بوكو حرام، أوحركة الشباب وغيرها من الجماعات، والتي تعتبر غريبة بالنسبة لي مثلها مثل تنامي ظاهرة الإرهاب بين الرجال البيض، وبمعدل وقوع حادثة إرهابية كل أسبوعين في هذا البلد.
لذلك، وبما أنه لم يسبق وأن طلب مني إدانة هجوم “دايلن ستورم روف” على أبرشية الكنيسة السوداء التاريخية في ولاية كارولينا الجنوبية، أو هجوم “روبرت ديير” على إحدى المنشآت التي تهتم بتنظيم الأسرة، أوحادثة مقتل 20 طفلاً في مدرسة ساندي هوك الإبتدائية، أو ذبح رواد السينما في كولورادو أو لويزيانا، ولن أُجبر إلى إدانة الإرهاب الذي يرتكبه المرضى النفسيين، والذين يريدون تحريف الإسلام وتشويهه لأهدافهم المشوشة.
تضيف الواشنطن بوست في مقالها الذي ترجمه المركز الصحفي السوري، أنه ليس من المستغرب أن الخطاب المحلي والسياسات، تستهدف بالدرجة الأولى المسلمين الأمريكيين، ودائماً تبدأ بنفس الدعوات لإدانة الإرهاب، ويطلب منا الإعتذار عن العنف الذي يتمّ أجيالاً من المسلمين، والذي لديه تأثير مضاد،ويعود ليفترسنا بعد أن يمحي إنسانيتنا وخبراتنا كمسلمين، و ليس هناك أي سيناريو آخر مقبول، يمكن من خلاله لوسائل الإعلام والسياسيين وحتى الرئيس أن يحث ويتوقع من الضحايا الاعتذار علناً، واقتلاع الأيديولوجية التي ساهمت في اضطهادهم.
ومنذ العام 2000، وقعت غالبية الهجمات الإرهابية في خمس دول هي العراق، أفغانستان، باكستان، نيجيريا، سوريا وجميع هذه الدول هي ذات غالبية مسلمة، بالإضافة لما يقرب من 90% من ضحايا تنظيم الدولة هم من المسلمين، وقد خلصت دراسة، أجراها مركز مكافحة الإرهاب (CTC) في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في وست بوينت عام2009، إلى أن تنظيم القاعدة قد تسبب بمقتل من المسلمين ما يعادل ثمانية أضعاف من غير المسلمين، ولذلك فالمسلمون هم ضحايا وليسوا الذين يشكلون التهديدات.
إن ضعف المسلمين لا يأتي من الخارج فقط، وإن كراهية الإسلام مرضٌ خبيث ينتشر من داخل الوطن الأمريكي، وذلك بفضل نظام ثابت من الخطاب المثير للاشمئزاز، والسياسات الخاطئة على حد سواء، وقد ارتفعت نسبة جرائم الكراهية ضد المسلمين، ويعاني المسلمون الأميركيون من ارتفاع نسبة جرائم الكراهية بما يعادل خمسة أضعاف مما كان عليه قبل أحداث 11 أيلول عام2011.
وتذكر الواشنطن بوست في المقال الذي ترجمه المركز الصحفي السوري، أمثلة عن الجرائم والمضايقات التي تعرض لها المسلمين الأمريكيين، ففي الشهر الماضي قام مجموعة من الأشخاص يطلقون على أنفسهم اسم” محتجين مسلحين” بالهجوم على المركز الإسلامي في ايرفينغ في ولاية تكساس، وفي وقت لاحق، تعرض موظف في متجر للضرب على يدي رجلٍ وهو يصيح “أنا أقتل المسلمين”، ” وفي ولاية كاليفورنيا، انتقدت امرأة بشدة مجموعة من المسلمين يصلون في حديقة، وقامت بألقاء القهوة الساخنة عليهم، ومازالت الشرطة الأمريكية تحقق في حريق أصاب أحد المساجد في كاليفورنيا.
وذكرت إحدى الأمهات على مواقع التواصل الاجتماعية أنها بدأت بإعداد حقيبة ابنتها التي تبلغ من العمر 8 سنوات، وذلك بعد أن سمعت “شخص مع شعر أصفر اسمه ترامب أراد طرد جميع المسلمين من أمريكا”، والكثير من النساء المحجبات يفكرن بنزع الحجاب من أجل سلامة أطفالهم.
للأسف، ولكوننا مسلمين، نحن نساهم في قمع أنفسنا وذلك بإيماننا أن مجرد تقديمنا للاعتذار، سينهي ذلك حالة الخطاب المعادي للاسلام. ولكن الأمر ينقلب علينا ونصبح نحن المذنبين، لذلك علينا إعادة التفكير والعدول عن مثل هذه السياسات للإثبات للعالم أن “ليس لدينا مانخفيه”.
وتختم الواشنطن بوست مقالها الذي ترجمه المركزالصحفي السوري بالقول: لقد حارب المسلمون في كل الحروب، منذ الثورة الأمريكية، وساهموا في معظم جوانب الحياة للمجتمع الأمريكي.وتقول كاتبة المقال:” أؤمن بأن الحرية هي حقيقة، وعليها ارتكز عند تقديم اعتذاري، وسأبذل قصارى جهدي لتحقيق العدالة في مجتمعي.ولكن الإرهاب ليس لي، وأنا لا أدعي ذلك، ولا حتى من خلال اعتذار.”
المركزالصحفي السوري – محمدعنان