تدخل بلدة داريا المحاصرة في ريف دمشق اليوم الرابع للهدنة، حيث توقف للمرة الأولى قصف البراميل المتفجرة منذ سبعة أشهر، وخرج الأطفال الذين بقوا حبيسي المنازل والأقبية طوال تلك المدة، كما يحاول المجلس المحلي والفصائل العسكرية استغلال لحظات الهدنة لإعادة الأمل إليهم.
واحتفالا بالهدنة، أقام المجلس المحلي وفصائل المعارضة حفلا للتلاميذ الصغار يعيد البسمة إلى وجوههم، ويرمم ما يمكن ترميمه من نفوسهم التي أنهكها الخوف.
وتقول القائمة على الحفل المعلمة أم عماد للجزيرة نت “بدأنا نرى الابتسامات تعود إلى محيا التلاميذ، وغابت عنهم صفرة الوجوه التي كانت تعتريهم إثر كل قصف على المدينة، ولو استمرت الهدنة سيغدو بإمكاننا تكثيف ساعات التدريس وتعويضهم ما خسروه”.
وفي السياق ذاته، قالت والدة أحد التلاميذ إنهم كانوا يمنعون الأطفال من الخروج من الأقبية، والآن بات بمقدورهم الخروج إلى ما تبقى من مساحات خضراء وحدائق ليلعبوا بعيدا عن أجواء الحرب.
وتحدث التلميذ فادي بكلمات ملؤها السعادة قائلا “اليوم غنينا ولعبنا وأكلنا الفشار وسمحت لنا المعلمة باللعب أمام المدرسة، وأنا لم أغب عن المدرسة منذ توقف القصف”.
بدوره، قال أحد المدرسين إن الطلاب كانوا يستغلون الأجواء الغائمة التي تمنع طائرات النظام من الرؤية من أجل الحضور إلى المدرسة، كما تدربوا على الاختباء في حفر أعدتها المدارس ليختبئوا فيها أثناء القصف.
أطفال يؤدون أغنية أثناء الاحتفالية (الجزيرة) |
التزام بالهدنة
من جهة ثانية، أوضح عضو المجلس المحلي فادي دباس للجزيرة نت أن وقف إطلاق النار كان له أثر كبير على نفوس الأطفال، حيث ظهرت البسمة على محياهم بعد غياب طويل، رغم الحصار الذي يعيشونه وعدم سماح النظام بإدخال المساعدات الإنسانية مطلقا إلى المدينة.
وأكد دباس التزام النظام بالهدنة دون أية خروق في داريا حتى اللحظة، وأضاف أن “مقاتلينا على أهبة الاستعداد في كامل الجبهات لصد أي خرق يقوم به النظام”.
وفي هذا السياق، اعتبر المستشار القانوني للجيش الحر أسامة أبو زيد أن محاولة النظام استثناء داريا من الهدنة تعود إلى “رمزية داريا في الثورة بعد صمودها الأسطوري أمام القصف اليومي بعشرات البراميل المتفجرة”، فضلا عن حساسية موقعها الذي يجعلها على بعد عشرة كيلومترات من القصر الرئاسي، كما أنها تشكل مع معضمية الشام بوابة دمشق الجنوبية.
ويشكك مراقبون في استمرار الهدنة التي يسميها بيان ميونيخ باتفاق “وقف الأعمال العدائية”، خصوصاً مع استمرار القصف الجوي على عدة مناطق في محافظتي إدلب وحماة.
وبحسب عسكريين، يحاول النظام تجميد قتاله في مناطق معينة من أجل تجميع قواته المتهالكة والحسم العسكري في مناطق يعتبرها إستراتيجية وأكثر أهمية كما يحصل في الغوطة الشرقية، حيث التزم في الهدنة على جبهات معينة بينما اخترقها في مناطق أخرى.