اعتاد النظام بعد كل تفجير يطال مناطق سيطرته أن يتخذ مجموعة من الإجراءات الأمنية كردة فعل انعكاسية عليها، وماهي إلا ليظهر أمام مواليه أن قواته تعمل جاهدة كي تنشر الأمن والأمان وتقضي على كل إرهابي يحاول تفجير نفسه أو يحاول العبث بحياة المواطنين وسلامتهم.. كما يدعي.
وقع أمس الإثنين ثمانية انفجارات هزت مدينتي طرطوس وجبلة في الساحل السوري، استهدفت تجمعات للمدنيين في كراج مدينة طرطوس بحزامين ناسفين وسيارة مفخخة، كما وقع تفجير رابع بين نهر الغمقة وضاحية الأسد، أما في جبلة فقد استهدفت التفجيرات الكراج ومؤسسة الكهرباء وحي العمارة وقسم الإسعاف داخل مشفى جبلة الوطني ما أسفر عن سقوط أكثر من 100 قتيل ومئات الجرحى في كلتا المدينتين.
وصبيحة اليوم الثاني للتفجير بدأت قوات النظام بتكثيف حواجزها داخل المدن السورية وخارجها وسط تشديد مكثف وتفتيش دقيق لكل من يمر منها، وبالأخص في العاصمة دمشق إذ تشهد منذ الصباح ازدحاما خانقا جراء تخوفات من تكرار تفجيرات مشابهة للتي حدثت في طرطوس، إلا أن هذه الإجراءات الاحترازية ليست سوى ردة فعل آنية لا تدوم أكثر من يوم، إذ بات الأمر واضحا لجميع السوريين أن تلك الحواجز مهمتها الأساسية اعتقال من لا ذنب له والنصب والاحتيال وسرقة أموال المواطنين.
وهنا كثرت تساؤلات المواطنين واستغرابهم حول كيفية تمكن أولئك الانتحاريين من دخول المدينتين رغم تشديد التفتيش والحواجز المنتشرة التي لا تعد ولا تحصى، فبعد أن تبنى تنظيم الدولة تلك العمليات، وتصريحاته أنه استهدف فيها الطائفة العلوية، نشرت مواقع موالية للنظام على صفحاتها أنها توجه أصابع الاتهام لحركة أحرار الشام التي بدورها لا تتبع تلك العمليات ولم يسبق لها أن نفذت هجوما انتحاريا، وذلك يدل على نية النظام السيئة في إدراج أحرار الشام ضمن قائمة التنظيمات التي لا تشمل الهدنة مناطق تواجدها.
وبدوره أدان الائتلاف الوطني المعارض تلك التفجيرات في بيان له، وأكد على مسؤولية نظام الأسد، بشكل مباشر أو غير مباشر عن جميع العمليات “الإرهابية” التي تستهدف المدنيين في سوريا .
وأوضح البيان أن التفجيرات الإرهابية استهدفت المدنيين بصورة عشوائية، مشدداً على أنها تستنسخ جرائم الحرب التي يرتكبها النظام بحق السوريين في مختلف أنحاء سوريا يوميا، وبمختلف أنواع الأسلحة إضافة إلى التصفيات الجسدية في المعتقلات.
وكردة فعل عقب الانفجار قامت مجموعة من أبناء مدينة طرطوس بإحراق مخيم الكرنك الذي يأوي عائلات نازحة من حلب وإدلب وطردهم منه، بينما قامت قوات الأمن بإخلاء النازحين من المنطقة العقارية القديمة وداهمت مركز الإيواء في الصالة الرياضية في المدينة، إلا أن محافظ طرطوس “صفوان أبو سعدى” أدان تلك الأفعال ودعا بدوره الأهالي لتهدئة النفوس والتروي والابتعاد عن التصرفات الطائشة التي تثير الفتنة والحقد بين الطوائف.
عبّر كثير من المواطنين عن غضبهم واستيائهم لتلك التفجيرات التي تطال المدنيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ووجه قسم كبير منهم أصابع الاتهام للنظام.. الذي عبر بدوره عن حداد على أرواح الضحايا ومنددا بالإرهابيين الذين يعبثون بأمن الوطن، ومتناسيا المجازر التي يرتكبها بشكل شبه يومي بحق السوريين في المناطق المحررة، فإلى متى سيستمر في الطغيان دون رادع؟.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد