بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)
“سأَقتل حتى لا أُقتل” هو تفسير أداء ومنطق رؤساء حكومة ولاية الفقيه للملالي لتجنب “السقوط” وبقاء الدكتاتورية الدينية، حيث بني عليها تصدير الحرب و الأزمة والإرهاب. وهذا ليس جديدًا من نوعه ولكنه يتكرر مرات عديدة، وهو في طبيعته عداوة للشعب والحكم المنشود للشعب ومخالفة لمبادئ المجتمع الإنساني.
وكل عنصر من عناصر منطق الملالي، الذي اتخذ أيضًا شكلًا مؤسسيًّا في النظام الإيراني، يمتزج بالكثير من الخداع والتضليل والحيل المعادية للإنسان. بدءًا من دستور هذا النظام إلى برامج ومشاريع وسياسات وبرامجه، حيث تم إنشاء العديد من الهيئات ذات الصلة لكل منها لترهيب وإخضاع المجتمع الإيراني والعالم مثل الوحش المخيف!
نظرة على سجل النظام الديني في إيران
وحتى الآن، أدانت الهيئات الدولية 70 مرة الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان في إيران في ظل حكم الملالي. لكن هذا النظام يواصل انتهاك حقوق الإنسان أكثر من ذي قبل. ولطالما أدانت حكومات ومنظمات وشخصيات، تصدير النظام للحرب والأزمات والإرهاب خارج الحدود، لكن النظام لم يوقفها، بل واصلها بطريقة مختلفة. منذ أكثر من عشرين عامًا، اصطف المجتمع الدولي ضد المشاريع النووية للنظام الإيراني، لكن هذا النظام لايزال يسعى ويزيد نشاطاته الإنتاجية للحصول على القنابل الذرية والنووية. لا يوجد أحد داخل إيران وخارجها لا يعرف ولا يعترف بأن إبراهيم رئيسي، المعيّن من قبل خامنئي في منصب الرئاسة، جلاد متعطش للدماء، وتلطخت يداه بدماء عشرات الآلاف من الإيرانيين، وعلى وجه الخصوص في مذبحة السجناء السياسيين عام 1988، حيث كان عضوًا في فرقة الموت المكونة من ثلاثة أعضاء لتنفيذ فتوى مؤسس هذا النظام الخميني، وراح ضحيتها أكثر من 30 ألف سجين سياسي من مجاهدي خلق والمناضلين الآخرين.
ومؤخرًا، وصف المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان، البروفيسور جاويد رحمن، في مؤتمر نيويورك مذبحة السجناء السياسيين عام 1988 بأنها «المأساة الأكثر إيلامًا بعد ثورة 1979 » وقال: «بعد مذبحة السجناء السياسيين في إيران عام 1988 وارتكاب “جريمة ضد الإنسانية”، تمت ترقية الجلادين المتورطين في الحادثة إلى مناصب عليا في المجالين السياسي والقضائي». وهذه إشارة واضحة إلى إبراهيم رئيسي، عضو لجنة الموت والرئيس الحالي الذي يثق به خامنئي. كما قال القاضي السابق بالأمم المتحدة وكبير الحقوقيين السيد جيفري روبرتسون في مؤتمر مماثل: إن أحد خيارات المساءلة في مذبحة 1988 هو محاكمة مرتكبي هذه الجريمة غيابيًّا ومن بينهم إبراهيم رئيسي الذي كان عضوًا في لجنة الموت في طهران عام 1988. وهو اليوم رئيس النظام الإيراني.
كذبة كبيرة
إن مؤسسَ الدكتاتورية الدينية وخلفاءَه في هذه الدكتاتورية الدموية واللاإنسانية يسيرون في طريق الجريمة في قناعة منهم بأنه كلما كثفوا الجريمة استطاعوا ترهيب وإخضاع الآخرين أكثر وبالتالي يجعلونهم مضطرين لقبول مطالبهم. وهنا تصبح سياسة الاسترضاء مع هذه الدكتاتورية خطيرة للغاية وغير سارة. لأن أنصار هذه السياسة يصبحون مساعدين للديكتاتورية التي تواصل منطقها وجرائمها ضد الشعب الإيراني والعالم! لقد استهتر أنصار هذه السياسة بالمطلب الرئيسي للشعب الإيراني، وهو “إسقاط الدكتاتورية”، وبهذه الوسيلة أصبحوا سببًا في توسيع وإطالة عمر النظام الذي يكرهه الشعب ومحكوم عليه بالإطاحة! طلب يحظى بدعم قوي في المجتمع العالمي!
ضرورة عدم الترحيب بالجلاد في جنيف!
إن رحلة إبراهيم رئيسي المرتقبة إلى جنيف للمشاركة في المنتدى العالمي للاجئين، الذي يعقد كل أربع سنوات، هي إهانة لحقوق الإنسان، وحق اللجوء المقدس، وكل القيم التي ضحت البشرية المعاصرة بعشرات الملايين من أجل تحقيقها. إن قبوله من قبل هذه الهيئة التابعة للأمم المتحدة يعد وصمة عار في تاريخ الأمم المتحدة واستمرار ثقافة الإفلات من العقاب، ولا يؤدي إلا إلى جعل هذا النظام أكثر حرصًا على مواصلة قتل الشعب الإيراني.
يتم قبول إبراهيم رئيسي في المنتدى العالمي للاجئين في حين اضطر أكثر من خمسة ملايين لاجئ إيراني إلى مغادرة وطنهم بسبب انتهاك حقوق الإنسان وتأجيج الحرب من قبل دكتاتورية ولاية الفقيه ويعيشون الآن خارج حدود إيران! بالإضافة إلى هذا الأمر، تجدر الإشارة إلى أن النظام الديني الحاكم ليس فقط مكروهًا من قبل الشعب الإيراني وهو نظام غير شرعي وغير مؤسس، ولكنه أيضًا نظام يواجه انتفاضات شعبية على مستوى البلاد، انتفاضة 2018. مع 1500 قتيل وانتفاضة 2022 التي قُتل فيها أكثر من 750 شخصًا. في السنوات الـ 44 الماضية، كان هذا النظام دائمًا هو صاحب الرقم القياسي لعمليات الإعدام في العالم (بالنسبة لعدد سكان البلاد).
لايستحق رؤساء النظام الإيراني، ومن بينهم إبراهيم رئيسي الجلاد، المحافل الدولية مثل المنتدى العالمي للاجئين التابع للأمم المتحدة في جنيف، بل يستحق تقديمه للعدالة والعقاب.
النظام الديني الحاكم في إيران نظام دكتاتوري ومتعطش للدماء ولا ينتمي إلى المجتمع الدولي. وهذا النظام بسياساته وبرامجه المتعلقة لا يكترث بحقوق الإنسان بل يشعل الحروب في المنطقة، وهو كان دائمًا سببًا في اتساع أعداد اللاجئين، وخاصة اللاجئين السياسيين.
إن الأمم المتحدة وأجهزتها بقبولها مثل هذه الأنظمة والمجرمين قد أضرت بسمعتها الدولية، وقبولها سوف يثير القلق وينشر موجة اللاجئين، إن عدم قبول الأنظمة والمجرمين في المحافل الدولية سيكون عاملًا مساهمًا في خدمة المجتمع الدولي والحد من ثقافة الإفلات من العدالة وترسيخ قيم الديمقراطية والحضارة الإنسانية، ويترتب على ذلك انخفاض كبير في موجة اللاجئين.