جريدة الحياة : النازحون السوريون في لبنان أشبه بكائنات صامتة، فوجودهم يقتصر على البعد الإنساني ويتجنب ثقل الايديولوجيا وضغوطها لوضعهم في حال تخندق. انهم مدنيون هاربون من حرب عمياء، ولو كانوا غير ذلك لما نزحوا. ولكن، ثمة دائماً من ينطق باسمهم بلا تفويض، ومن خارج لبنان، ضارباً عرض الحائط بمصالحهم الحيوية كنازحين: الأمن والسلام في لبنان والامتناع عن استنزاف وطن يسيل دمه منذ عقود وتكاد تنشف عروقه.
هذا ما يعرفه النازحون بالملموس، القلة الغنية منهم والكثرة الفقيرة المنضمة الى شركائها الفقراء اللبنانيين. وهم يختلفون عمن نزحوا الى تركيا والاردن، لأن معظمهم يسير في طريق سلكه سوريون سابقون من الأغنياء المستثمرين ومن العمال المحدودي الأجر. النازحون الى تركيا والأردن أقام معظمهم في مخيمات محاطة بحراسة وبسياج أمني، فيما يتوزع أقرانهم في لبنان على المناطق بلا استثناء ويختلطون بالسكان جميعاً بلا تحفظ، وقد فاق عددهم المليون
وفق احصاء الأمم المتحدة، ما يعني، إذا أضفنا المقيمين منهم قبل الثورة السورية، ربع عدد السكان. ويحصّل النازحون عيشهم من أعمال متواضعة الأجر ومن هيئات الإغاثة العربية والدولية بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع الأمم المتحدة. وقد فتحت الدولة اللبنانية مدارسها الرسمية مجاناً لأبناء النازحين السوريين فأمّنت بذلك تعليم مئات الآلاف، كما تتولى وزارة الصحة تلقيح الأطفال السوريين بحملات مجانية. يعيش النازحون السوريون في لبنان انتظاراً طويلاً مصحوباً بالإقامة الموقتة (وكل موقت دائم) في وطن معقد. محمد علي فرحات #الحياة