نشرت صحيفة فورين بوليسي في مقال بعنوان ” الناجون من حلب لا مكان لهم للجوء إليه” للصحفي أكرم الأحمد والذي ترجمه المركز الصحفي السوري, فقد روت من خلاله قصص بعض الناجين من حلب ممن هربوا من الحرب الطاحنة في حلب ليحاصروا في العذاب. يبدأ الكاتب مادته بقصة سميرة البالغة من العمر 56 عاماً حيث كانت تجلس بملابس فاحت منها رائحة الدخان وقد غط السواد يديها ووجها. لقد كانت واحدة من بين 100 ألف من سكان حلب الشرقية ممن تم إجبارهم على مغادرة مناطق المعارضة تحت تهديد الإبادة من قبل الجيش السوري والحلفاء الروس والإيرانيين.
سردت الصحيفة قصة سميرة التي جلست تائهةً تماماً بعد أن فقدت أبنائها وكل عائلتها في حلب باستثناء إبنتها التي تعيش في ادلب. اكتسى السواد وجهها نظراً لبرودة الطقس حالياً في حلب حيث أمضت أسبوعاً في الشارع إلى جانب الناس بانتظار الإجلاء مما اضطرهم لحرق الأحذية والمواد البلاستيكية من أجل التدفئة, وهو ما وسخ أيديها ووجهها. لم تكن سميرة الوحيدة ممن اتسخ وجهها بالسواد فحالها كباقي المهجرين من حلب الشرقية الذين أحرقوا حتى ممتلكاتهم ليحظوا ببعض الدفء أو بغرض ألا يتركوا متاعهم لقوات النظام بعد مغادرتهم.
كما روت الصحيفة قصة “أحمد حميدو” البالغ من العمر 65 عاما والذي دلت عليه لحيته البيضاء. فقد وصفه الكاتب بدقة وقال فاضت عيناه بالدموع عند تذكره ما حصل لدى انهيار شقته في الطابق الرابع وكيف اضطر للتنقل من حي الى أخر هرباً من القصف. لم ينجو أحد من عائلته حيث أن بعضا من أقاربه قضوا نحبهم برصاص قناصة على أحد الحواجز. معاناته لم تنتهي بوصول الحافلات فقد أهانت ميليشيا النظام الناس قبل مغادرتهم وكيف أن أحد مقاتلي النظام صعد إلى الحافلة وهدد الركاب مطالبا إياهم بالاستسلام ولكن أحد لم يستجيب.
وتناولت الصحيفة قصة “وفاء الزين” ذات 44 عاما التي أصبحت المعيلة لعائلتها التي لطالما عاشت حياة رغيدة, قبل الحملة العسكرية على حلب الشرقية, فقد خسرت عائلتها كل ما تملك مضطرين بذلك إلى الاعتماد على الصدقات فحتى الشقة التي يقيمون فيها بادلب الان مساعدة من عائلة أخرى. لدى وفاء أربع أطفال تتراوح أعمارهم بين 9 و 24سنة بالإضافة لثلاث أحفاد الذين يمرون بمأساة قاسية, فقد خسروا منذ شهر زوج وفاء و زوج ابنتها أمينة البالغ 24 عاما بسبب قذيفة سقطت أمام منزلهم. تمزق جسد نسيبها بحيث لم تتمكن أمينة من دفن جثمانه بعدما أمضت يومين بالبحث عن أشلاءه لتجد فقط قدمه و قطع صغيرة من جسده. أردفت الصحيفة أن أمينة حائرةٌ كيف ستتمكن لوحدها من تربية أبناءها الذين تتراوح أعمارهم بين 1 و 4 سنوات الذين لا ينفكون يسألون عن موعد عودة والدهم فهم لم يصدقوا أنه مات. تبكي أمينة بحرقة وقد خبأت وجهها بكفيها قائلة:” أتمنى لو أني تمكنت من دفنه”.
اختتمت الصحيفة مقالها الذي اطلع عليه المركز الصحفي السوري بشهادة “أم علي” التي تم إجلائها من حلب الشرقية حيث قالت أن بعض ميليشيات النظام بصقوا على نوافذ الحافلات المغادرة بينما آخرون صعدوا إلى الباص وأمروا النساء بالنظر إلى أعضائهم التناسلية بعد خلعهم سراويلهم. السبب الذي دفع أم علي إلى المغادرة خوفا على نفسها وعلى ابنتها من أن يتم اغتصابهما الأمر الذي لم يجعل البقاء في حلب خياراً.
ترجمة صباح نجم
المركز الصحفي السوري