لم يستطع الكثير من السوريين ممن فرّوا من الحرب الدائرة في بلادهم، الوصول إلى الدول الأوروبية و الأجنبية مما دفعهم للجوء هرباً إلى بعض البلدان العربية البعيدة.
و بسبب عدم وجود تأشيرة دخول بين دولتي الجزائر في المغرب العربي و سوريا، اختارت العديد من العائلات السورية التوجه إلى الجزائر هرباً من آلة القتل الممنهج التي يتعرضون لها في بلدهم، لينتقلوا إلى حياة أخرى مليئة بالتشرد و التسول.
فراشهم الأرض و لحافهم السماء، هذا هو حال السوريين الذين وصلوا إلى الجزائر آملين بحياة أفضل يعيشونها و يقدمونها لأولادهم بعيداً عن المعارك الدائرة و القصف الجنوني الذي تواجهه مدنهم الأصلية.
الحدائق العامة و الساحات الرئيسية و المساجد، هذا هو مأوى السوريين في الجزائر، فبعد أجور المنازل المرتفعة التي واجهت تلك العائلات و قلة فرص العمل، لم يعد للسوريين مكان للاستقرار فيه سوى الشوارع و الأرصفة.
إيلاف طفلة سورية في السادسة من عمرها، نزحت مع أهلها من مدينتهم حمص بعد أن قُصف منزلهم و أصبحوا بلا مأوى، تدور يومياً في شوارع مدينة الجزائر العاصمة تمد يدها للمارة و تطلب قليلاً من النقود لوالدها المريض الذي يقطن مع باقي أسرتها في حديقة المدينة الرئيسية، آملةً أن تكمل تعليمها الذي لم تكن قد مرّت فترة طويلة على البدء به.
قدّم الشعب الجزائري مساعدات كبيرة للسوريين، فمنهم من استضافهم في منازلهم و القليل من أصحاب رؤوس الأموال كانوا قادرين على تقديم بعض فرص العمل للاجئين في منطقتهم، ومنهم من قام بإطلاق الحملات التبرعية لجمع الأموال لمساعدة العائلات السورية القادمة.
أبو زيد ربّ أسرة سورية نازحة إلى الجزائر يقول : ” كنت أملك في سوريا محلاً لبيع الأشغال اليدوية، و لكن بعد القصف الشديد الذي تعرضنا له و استحالة العيش في مدينتي، هربت بعائلتي قاصداً بلداً عربيّاً آخر علّي أستطيع تأمين عائلتي من الموت ” و أضاف لنا عن عيشه في الجزائر: ” استطعت استئجار بيت صغير عبارة عن غرفتين و حمّام، إلّا أنني لم أستطع استئجار مكان لأعمل به، فقمت بصنع بعض الأشغال اليدوية كوني أحترف هذه المهنة و عرضها في الشارع للمارة “.
كما قام بعض السوريين ممن يقيمون في الجزائر مسبقاً بدعم أبناء بلدهم الهاربين باتجاههم، إلا أن تلك المساعدات كانت محدودة بسبب تزايد أعداد القادمين بشكل كبير.
تقوم السلطات الجزائرية بملاحقة و تهديد القادمين إلى الجزائر و المقيمين فيها بطريقة غير شرعية بنية ترحيلهم من البلاد، مما زاد من عوائق الحياة في وجه السوريين النازحين.
موت بسبب القصف في البلد الأم و نزوحٌ و تسوّل و عيشة ذليلة في الغربة، هذا ما آل إليه حال السوريين بعد 5 سنوات من الحرب الدائرة و عمليات القتل و القمع التي يتعرضون لها في بلادهم، لم يتبقّ للسوريين أمنية سوى العيش بسلام و أمان ليسدّوا رمق أسرهم.
المركز الصحفي السوري – محمد تاج