قالت مصادر إغاثية دولية إن بعض المنظمات الإغاثية العاملة في منطقة الرويشد شرق الأردن قلصت أعمالها هناك، بعد العملية الإرهابية في مخيمي الركبان والحدالات على الحدود الأردنية – السورية، التي راح ضحيتها 7 عسكريين أردنيين، في حين دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الدول المشاركة في التحالف الدولي إلى تكثيف التعاون فيما بينها من أجل «تدمير قدرات» تنظيم داعش، المتطرف، حسبما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي.
وأضافت المصادر أنه بعد قرار القوات المسلحة الأردنية اعتبار المنطقة عسكرية مغلقة فإن وجود هذه المنظمات هناك أصبح من غير فائدة. وأشارت إلى أن المنظمات الإغاثية لم تقدم أي مساعدات إنسانية للاجئين في مخيم الركبان بعد أن تعرضت إحدى مواقع القوات المسلحة الأردنية المتقدمة المحاذية للمخيم إلى هجوم بسيارة مفخخة راح ضحيتها سبعة أفراد وأصيب 13 جريحا، حيث توفي أحد المصابين متأثرا بجراحه.
من جانبها، قالت الناطق باسم اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر الدولي»، هلا شملاوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن العاملين في «الصليب الأحمر» لم يقدموا أي خدمات للموجودين في مخيم الركبان منذ يومين بسبب إغلاق السلطات الأردنية الحدود «ولكن مازلنا موجودين في منطقة الرويشد وننتظر بعض الوقت ريثما تتضح الأمور». وردا على سؤال حول كيف يدير اللاجئين في المخيم أمورهم، قالت إن «هناك تجار حرب في المخيم يحضرون المواد الغذائية والمستلزمات ويبيعون اللاجئين للذين يملكون المال». وأشارت إلى أن برنامج الأغذية العالمي يتولى تقديم الأغذية الأساسية، ومنظمة اليونسيف تقدم مياه الشرب و«الصليب الأحمر» يقدم المساعدات الإنسانية.
من جهته، دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الدول المشاركة في التحالف الدولي إلى تكثيف التعاون فيما بينها من أجل «تدمير قدرات» تنظيم داعش، المتطرف، حسبما أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي. وأفاد البيان أن الملك عبد الله أكد خلال استقباله في قصر الحسينية في عمان الأربعاء، بريت ماكغورك، مبعوث الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى التحالف الدولي ضد التنظيم المتطرف، «استمرار الأردن، إلى جانب مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، في جهود التصدي بكل حزم لخطر التنظيمات المتطرفة، وفي مقدمتها عصابة داعش الإرهابية». وشدد الملك على «أهمية تكثيف مستوى التنسيق والتعاون بين الدول المشاركة في التحالف الدولي، لتدمير قدرات هذه العصابة الإرهابية ودحرها، ضمن نهج شمولي تشاركي».
من جانبه، أدان ماكغورك بشدة «العمل الإرهابي الجبان الذي استهدف موقعا عسكريا متقدما لخدمات اللاجئين السوريين على الحدود الشمالية الشرقية للمملكة»، مؤكدا «تصميم التحالف الدولي على محاربة عصابة داعش الإرهابية حتى القضاء عليها، ودعم قدرات الأردن في هذا المجال». ومن جهته، أكد وزير خارجية الأردن، ناصر جودة، خلال استقباله ماكغورك، أمس، «دعم الأردن لكل جهد يهدف إلى مكافحة الإرهاب»، مشيرا إلى أن «الأردن كان على الدوام وسيبقى في طليعة هذه الجهود». وأضاف: «هي حربنا جميعا للدفاع عن ديننا ومستقبلنا ضد خوارج هذا العصر». ويشارك الأردن منذ نحو عامين في التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد الجهاديين في سوريا والعراق.
وحسب المراقبين، فإن مخيم الركبان للاجئين السوريين الواقع على الحدود الشمالية الشرقية مع سوريا، ليس مخيما للاجئين بالمعنى الحقيقي بالنسبة للأردن بغض النظر عن مكان وقوعه وماهية ساكنيه، غير أنه يختلف عن باقي المخيمات بأنه يشكل عبئا أمنيا ضاغطا على الأردن، خصوصا أن ساكنيه قدموا من مناطق يسيطر عليها تنظيم داعش شرق سوريا. والمخيم الذي بدأ باستقبال السوريين الفارين من جحيم «داعش» وإخوانه مطلع العام الماضي، يقع في الحدود بين الأردن وسوريا ولا يفصل الحدين إلا ساتر ترابي أقامته القوات المسلحة الأردنية عندما تم ترسيم الحدود بين البلدين بعد مجيء بشار الأسد إلى الحكم خلفا لوالده حافظ الأسد، حتى بات المخيم يضم نحو 64 ألفا، ما دفع منظمات إغاثية إلى اعتباره المخيم الثاني من حيث عدد اللاجئين السوريين، بعد مخيم الزعتري.
وتقول هذه المصادر إن لاجئي المخيم يتدفقون إليه من شتى المناطق السورية، خصوصا التي يسيطر عليها «داعش» حيث تقوم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتسجيل هؤلاء اللاجئين رسميا منذ نحو سبعة أشهر، وقد زادت أعدادهم بعد أن مني التنظيم بهزائم في عدد من المناطق السورية، وزاد القصف الجوي على تلك المناطق.
وكانت السلطات الأردنية قد قلصت أعداد اللاجئين السورين الذين تسمح لهم بالدخول إلى أراضيها وقامت بالتدقيق الأمني حيث كانت تسمح بداية لنحو 60 إلى 100 شخص معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ وكبار السن وتستثنى المناطق شمال سوريا من الرقة وغيرها التي يسيطر عليها تنظيم داعش، مراعية بعض الاعتبارات الأمنية المشروعة لحماية مصالحها، وقد رفعت العدد إلى نحو 300 شخص بعد مؤتمر لندن للمانحين وعادت وقلصت العدد منذ مطلع الشهر الحالي إلى 150 شخصا.
ويرى عسكريون سابقون أن وجود مخيم في المنطقة منزوعة السلاح بمثابة «بؤرة خطرة للأردن» وهو ما يدعم وجهة نظر الحكومة عندما أعلنت قبل أشهر بأن الأردن رغم إيلائه أهمية إنسانية، فإنه يضع الأمن في أقصى درجات الاعتبار. وقال اللواء المتقاعد قاسم محمد إن وجود مخيم اللاجئين الذي يضم عشرات الآلاف يشكل بؤرة خطرة، ويجب تكثيف الرقابة والحراسة عليه. وأضاف أن من الواجب العمل على وضع راقبات تمتلك أجهزة كشف تتجاوز العشرين كيلومترا، إضافة إلى تزويدها بالأسلحة القادرة على التدخل المباشر ولمسافات تبعد عن الساتر الترابي. وقال صالح إن الاستهداف تم على نقطة عسكرية متقدمة، الهدف من وجودها تقديم المساعدة للاجئين.
الشرق الأوسط