خلفت الحرب في سوريا خلال الأعوام الماضية ظواهر سلبية عدة زادت من معاناة السوريين وأوجاعهم، ولعل الفوضى وانعدام الأمان من أكثر المسببات بتدهور الوضع المعيشي، فضلا عن غياب دور الأنظمة الصارمة في كافة جوانب الحياة الاجتماعية أو الاقتصادية في مناطق سيطرة النظام أو في مناطق المعارضة المحررة على حد سواء.
ورغم جهود هيئات الإدارة المحلية في المناطق المحررة بضبط آلية عمل الدوائر الخدمية والمؤسسات، إلا أن هناك جانبا لا يقل أهمية عن سواه: ضبطُ عمل الأسواق وبالأخص المنتجات الغذائية والتحقق من صلاحيتها ومصدرها، ومطالب الأهالي في بعض المناطق بتشكيل لجان مختصة وتفعيل عملها في الأسواق؛ حرصا على سلامتهم ولتوحيد أسعار بعض المنتجات الرئيسية.
ونبدأ أولا “بالفروج التركي المجمد” ويعتبر من أكثر المنتجات التي تدخل المناطق المحررة خطرا على صحة الأهالي لما يحتويه من نسبة عالية من الهرمونات والمواد الحافظة، حيث يحقن بكمية كبيرة منها ليزداد حجمه بسرعة كبيرة دون اللجوء لإطعامه علفا طبيعيا، والدليل على ذلك وزنه الزائد وشكله الضخم.
وأصبح بيعه في المناطق المحررة منتشرا بكثرة، وفي كل مكان تجده أمامك، في الأسواق وفي المحال في الأحياء، ولعل السبب في رغبة الأهالي بشرائه رخص ثمنه مقارنة بالدجاج البلدي السوري، لكن مضاره فاقت حد التوقع، وارتفاع حالات الإصابة بمرض السرطان في الآونة الأخيرة خير شاهد عليها.
تخبرنا “أم ديانا” عن معاناتها مع ابنتها:” ابنتي في الصف الخامس وفوجئت ببلوغها المبكر، فأخذتها للطبيبة ليطمئن قلبي لأنني خفت أن يتوقف نموها عند هذا الحد، فطلبت تحاليل لها وأخبرتني أن السبب وراء ذلك تناولها مواد تحتوي نسبة عالية من هرمون الاستروجين الذي يحقن به الفروج ما يسبب ارتفاعا في الهرمونات الذكورية وقد يتطور الوضع فيتسبب بكييسات الماء على جدار المبيض، أو حتى سرطان الرحم والمبيض وغيرها من الأمراض وبالأخص للفتيات”.
ليس الفروج التركي المجمد وحده ما يسبب ضررا، بل هناك منتجات كثيرة تباع في الأسواق مجهولة المصدر والصلاحية، يلجأ الأهالي إليها لرخص ثمنها غير مدركين ما قد تسببه لأجسادهم من ضرر قد لا يظهر في الوقت الحالي، وتأتي الزيوت والسمنة والزبدة في المرتبة الثانية بعد اللحوم المجمدة بنسبة الضرر، فمعظمها لا طعم لها ولا تشبه المنتجات المحلية، ومصنعة من قبل شركات قد تكون معايير الجودة مختلفة أو غير مطابقة لشروط الاستهلاك البشري، ما يثير الشكوك حولها.
ولا ننسى الحديث عن أطعمة الأطفال من سكاكر وبسكويت و”شيبس” فمعظمها تركية المصدر وبانعدام الرقابة في مناطق المعارضة يثير قلق الأهالي وتخوفهم منها، ومطلبهم محق بالإسراع في تشكيل لجان مهمتها مراقبة الأسواق ووضع معايير جودة يجب أن تتوافر في المنتجات التي تدخل تلك المناطق أيا كان مصدرها، فحياة الحرب والطيران الذي لا يفارق سماءهم يكفيهم ولا ينقصهم معاناة جديدة.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد