كنت بالجزائر وأنا من دهشتي حائر، وإذا بوفد رفيع المستوى، وخالي المحتوى، يكيل التنديد ويزبد ويرعد بالوعد والوعيد،
وكأنه في حمّام البلاء الذي انقطعت عنه الماء، فلا تعرف كيل الاتهامات، من الترحيب والضيافات.
وإذا بأمازيغي تميزه بألوان الثياب، فكأنه يلبس العجب والعجاب، يحمل كتابا في العمران والقانون، ولما سألته، قال ويحك،
ألم تعرفني، أنا ابن خلدون.
قلت له يا ابن الأندلس العظيم ، مما مجيئك في هذا اليوم العقيم، وقد اجتمعت الزعماء، وبدأت الخطب الخطباء،
وقيس ابن سعيد كأنه قس بن ساعدة، يخطب بين يدي التبون عبد المجيد صاحب المائدة وقد شرفهم الأمير آل ثاني،
يحمل النهج الإيراني، ومعه عبد اللطيف رشيد، رئيس العراق الجديد، جاء لحكمه يبغي التوطيد، فتعرف الحرب التي لفحت ببلاده وباليمن السعيد.
وكما جاء من بعيد، من بعد رأس الرجاء الصالح، “أنطونيو غوتريس” أمين عام أمم المصالح، بخطب ويهلوس،
ويحمل معه رسالة عنها ينافح، رسالة عصماء في الحب والخيانة والدماء، من رجل عرف بالقتل والدمار يريد السعادة لأهل الديار،
رئيس روسيا للأبد، كما عرفت وتعرف عن آل الأسد، هو حليفه القديم اللعين، المعروف بفلاديمير بوتين.
تحولق وتحملق فيّ رجل العمران، وقال صهٍ صهٍ من قول هؤلاء العميان، أتعرفني أبغي سياسة الهمز واللمز، بين رؤساء يحكمون من على كرسي العجز.
يا مراسل المركز الصحفي، بلغ سلامي للسوريين بين شافعي وحنفي وعرب وكرد وسنّة، ومذاهب التوحيد الأقليات منهم ومنّا،
ودع عنك الهرج والمرج، عن رسائل جامعة يديرها رجال ثلج، يذوبون بشمس النفط، ويتقاوون على بعضهم باللغط،
وهم كالنعام أمام إسرائيل، ويقابلون شعوبهم بمتفجرات البراميل.
وقل للشعب المغلوب والمنتظر البيان، لا تقرؤوا عنهم حتى العنوان، فما كان الاجتماع لتحرير فلسطين،
ولا لرد المظالم عن الشعب المسكين، إنما اجتمع هؤلاء الرؤساء، ليجددوا البيعة والولاء، وتقديم الطاعة العمياء،
عند مرؤوسيهم والفاتنات من النساء.
ولعلمك وقبل أن ينتهي الاجتماع في القاعة، سأنبئكم بتفاصيل البيان يا جماعة، سيقولون أجمعنا على وحدة الأرض والشعوب،
واسترداد كل ما هو مسلوب، من جزر وأرض وبحر من غرب وجنوب.
ولكن هيهات هيهات أن يحاضر العبيد بالحرية، واللقطاء بالأنساب، فالقضية الجوهرية، أنهم بضع أذناب، تحركت بأوامر خارجية،
لتقسيم الولاء للأرباب، في واشنطن الغربية، والدب الروسي ذي الأنياب.