اعتبر قادة في المعارضة السورية محاولات نظام الأسد للالتفاف على العقوبات الدولية، بحسب ما كشفته تسريبات «وثائق بنما» ليست مستغربة، مشيرين إلى صلة هذه الوثائق بإثبات تمويل النظام للميليشيات الإرهابية، مطالبين المجتمع الدولي بمراقبة الخروقات، لافتين إلى أن هذه «الجريمة» – بحسب ما وصفوها – مرتبطة بشكل مباشر بالنظام منذ عقود طويلة.
وأظهرت تسريبات «وثائق بنما» حول الملاذات الضريبية لشخصيات سياسية كبرى حول العالم، لجوء النظام السوري إلى ثلاث شركات وهمية، للالتفاف على العقوبات الدولية التي تستهدفه، منذ بداية النزاع السوري، والتستر على ثروة عائلة الأسد. وبحسب التحقيق الاستقصائي الضخم الذي شارك فيه عشرات الصحافيين الاستقصائيين حول العالم، فإن سياسة تسجيل شركات في ملاذات ضريبية ليست جديدة على النظام السوري، إذ يتبعها رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد منذ فترة طويلة.
وقال رئيس إدارة العمليات في هيئة أركان الجيش الحر سابقاً قائد الفرقة الثانية في القلمون العميد هاني الجاعور لـ«الحياة»: «إن الشعب السوري على علم بذلك قبل قيام الثورة السورية، والتي قامت من أجل التخلص من هذه العصابات التي تنهب ثروات الدولة والشعب».
وأضاف الجاعور: «السوريون منذ وصول بشار إلى الحكم في سورية استبشروا خيراً كونه شاباً متعلماً وطبيباً درس في أوروبا، وتعرف على الحياة الغربية ونماذج احترام القوانين واحترام الإنسان، ولكن خلال فترة قصيرة جداً أدرك الشعب السوري أن هذا النظام غير قابل للإصلاح أبدا، لأنه نظام يعيش على الفساد والإفساد بين الناس، ويستعمل القسوة المفرطة لترويع الناس».
وأكد المعارض السوري أن مواطنيه يعلمون من زمن طويل أن «ثروة بلادهم بأيد نظام غير آمن وغير منضبط بأي معيار أو مقياس مهني أو أخلاقي»، متابعاً: «إن هذا النظام غير الأخلاقي يعتبر سورية والشعب السوري مزرعة خاصة به، يفعل ما يريد بها، ويعتبر الناس عبيداً له ليست لهم أي حقوق، وهم عبارة عن أملاك ورثها عن أبيه يفعل بهم ما يشاء».
ولفت الجاعور إلى أنه في سورية «لا توجد دولة أو مؤسسات، بل عصابة مرتبطة بالخارج، تنفذ المطلوب منها بكل دقة، ومسموح لها أن تتحكم في الداخل كما تشاء»، مضيفاً: «السوريون مغلوبون على أمرهم في كل شيء من هذه العصابة الحاكمة، والشعب السوري يعرف أكثر من هذه التسريبات بكثير ومنذ زمن طويل، ولكن من كان يتجرأ على قول الحقيقة كان النظام يخفيه، والثورة السورية قامت من أجل التخلص من هذه العصابة».
بدوره، قال مساعد رئيس هيئة الأركان قائد جبهة حمص العقيد ركن فاتح حسون لـ«الحياة»: «لم نستغرب ما ورد في الوثائق المسربة، فتصرفات رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد الاقتصادية واحتكاره فعاليات مالية في سورية من الأسباب التي جعلت طبقة التجار تخرج ضد النظام الأسدي المجرم».
وأضاف حسون: «لم تكن فعالياته الاقتصادية ضمن سورية فحسب، بل تعدتها إلى مجموعات اقتصادية كبيرة في الخارج، تمول الأعمال الإرهابية المتماشية مع مصالح النظام الحاكم في سورية»، متابعاً: «مثل هذه الوثائق في حال متابعة تحويلاتها المالية، فستبين أن هذه الشركات والمجموعات كانت تمول العمليات ضد الأميركيين في العراق، وتنشئ المجموعات المتطرفة في بلدان عدة، ومنها دول الخليج، وكذلك تدفع كلفة وأجور شراء ونقل السلاح لحزب الله في لبنان وتمول عملياته، وذلك بدعمها ومشاركتها مؤسسات وشركات تابعة له تعمل في أوروبا، وعدد آخر من دول العالم»، مؤكداً أنه «كلما تكشفت حقائق تكشف معها مدى انغماس النظام السوري المجرم في الإرهاب والرذيلة والجريمة الدولية المنظمة».
من جهته، اعتبر قائد الجبهة الشرقية الدكتور محمد العبود لـ«الحياة» ما تم نشره في وثائق بنما المسربة «غير المستغرب»، لافتاً إلى أن هذه هي أساليب النظام منذ أن استعبد الشعب السوري في السبعينات من القرن الماضي، إذ كان يستغل كل الثروة النفطية لمشاريعه الخاصة وعائلته ومن دون أن يستطيع أحد معرفة أين تذهب تلك الأموال، وكذلك دأب ابنه باسل قبل أن يقتل، وتبعه رامي مخلوف المعروف بنشأته وتعاملاته المشبوهة وصفقاته التجارية الخارجة عن القانون. ولكن الآن ظهرت الأدلة الموثقة، فنرجو أن يسهم ذلك في الإسراع من أجل تخليص الشعب السوري من هذا الظلم الذي أحيق به».
الحياة