وبغضّ النظر عن مسالة الالتزام بالعاشر من شباط موعداً للمواجهة، تبقى محاور جدول اعمال المعارضة السورية على حالها، تبدأ بهيئةٍ انتقاليةٍ كاملة الصلاحيات، يليها الملف الانساني بما فيه من تشعبات تضمّ حصارَ حمص ولوائح بعشرات الآلاف من المعتقلين والشهداء وممراتٍ انسانية، وبين هذا المطلب وذاك تعاود المعارضة “ترتيبَ بيتها الداخلي” وتحضيرَ اوراقها ودرسَ اداء وفدها في الجولة الاولى من “جنيف – 2″، لتقف امام خصمها اللدود في جنيف كاملة الجهوزية، خصوصاً بعد انتزاعها احقية المفاوضة كندٍ سياسي دبلوماسي معترفٍ به دولياً وسورياً، حيث إنّ النظام السوري نفسه فاوضها لثمانية أيام.
وعلى رغم ذلك، يعتبر بعض المقرّبين من الائتلاف انّ “الجولة المقبلة من المفاوضات تشكل تحدياً كبيراً خصوصاً في شأن قدرته التمثيلية للمعارضة السورية ككل، في ظلّ هجمات متكررة من النظام، والاتهامات الموجهة له بالعجز عن تمثيل الاطراف الاخرى للمعارضة”.
على هذا الاساس يبدو انّ الائتلاف السوري قد تحوّل خلال الايام الماضية الى خلية نحلٍ من اجل اظهار الوفد في المفاوضات المقبلة ممثلاً للشريحة الاكبر من المعارضة إن على مستوى الائتلاف نفسه او على مستوى القوى الخارجة عنه.
وعلمت “الجمهورية” انّ “الائتلاف يبحث في امكان تغيير بعض الاسماء التي شاركت في الجولة الاولى من “جنيف – 2″ واستبدالها بشخصيات أخرى، خصوصاً انّ اعتراضات واسعة أبدتها رموز عدة في الائتلاف وخارجه على حضور سهير الاتاسي مثلاً، واتهامها بفضائح مالية”.
وعُلم في هذا الاطار انّ الذين “اعلنوا انسحابهم من الائتلاف عشية بدء الجولة الاولى من “جنيف – 2″، لم يعلّقوا لا سلباً ولا ايجاباً على مجريات ونتائج الجولة الاولى، لكنهم لن يسكتوا طويلاً وهم ينتظرون بدء الجولة المقبلة لتوضيح موقفهم من المفاوضات”.
من ناحية ثانية، استأنف الائتلاف المعارض اتصالاته بقوى من خارجه، كهيئة التنسيق التي يرأسها المعارض هيثم المناع، بحسب عضو الوفد المفاوض في المعارضة عبد الاحد اصطيفو الذي قال لـ”الجمهورية” إنّ “لهيئة التنسيق مكانة داخل الوفد المعارض منذ البداية، والاختلاف هو مسألة طبيعية لانّ لدينا توجهات ومطالب مختلفة، على عكس النظام الذي يأتمر بقرار واحد”.
وأوضح اصطيفو انّ “المعارضة بدأت عقب انتهاء الجولة الاولى من المفاوضات بالعمل على ترتيب البيت الداخلي، بما فيه تفعيل دور لجان الوفد التقني المرافق للوفد المفاوض، التي تمّ تشكيلها خلال الجولة الأولى من المفاوضات، ومنها مكتب حقوق الانسان والمكتب العسكري والأمني والمكتب الدبلوماسي”.
وعلى بُعد ايام من انطلاق الجولة الثانية من المفاوضات، شكلت زيارة رئيس الائتلاف السوري المعارض احمد الجربا الى موسكو محطةً مفصليةً في المسار التفاوضي، وتوقعت اوساط الائتلاف عبر “الجمهورية” انّ “موسكو، بعد الزيارة، ستتعاطى مع المفاوضات بشكل مختلف عمّا سبق”.
وقالت هذه الاوساط إنّ “روسيا تتعاطى مع المعارضة السورية عموماً على اساس انها قوة امر واقع في المشهد السوري لا يمكن تخطيها في حال ارادت موسكو نسج علاقات مميزة مع سوريا في المرحلة المقبلة”.
وبحسب المعلومات، فإنّ “الجربا عاتب موسكو لعدم “الوفاء بوعدها” في الضغط على النظام السوري أثناء مناقشة الملف الانساني بجنيف، حيث كان يُفترض أن تعمل على كسر الحصار المفروض على بعض احياء حمص المحاصَرة وتحقيق تقدّم في الملف الانساني”.
وتتوقع اوساط الائتلاف السوري أن يواصل الوفد النظامي في الجولة المقبلة “تضييع الوقت والمراوغة” مثلما فعل في الجولة الاولى، وفي هذه الحال يعوّل وفد المعارضة على دورٍ دوليّ أكثر وضوحاً وحزماً لمواجهة النظام السوري. وفي هذا السياق، يقول اصطيفو إنّ “المعارضة ستواجه النظام بالقرارات الدولية، “وأهمها القرار 2118، خصوصاً البند السابع منه، لانّ الجولة المقبلة ستختبر مدى جدية النظام”.
واكد اصطيفو انّ “المعارضة لن تكتفي بالجرائم التي ارتكبها النظام خلال الاعوام الثلاثة الماضية، بل سنفتح الملفات القديمة كلّها بما فيها جرائمه في لبنان، لأنّ النظام السوري متورط على مستوى الارهاب العالمي والكلّ يعرف ذلك”