تتوالى التحضيرات لاجتماع جنيف المقرر في العشرين من الشهر الحالي بين وفدي النظام السوري والمعارضة، وسط محاولات من كل طرف لتوجيه الاجتماع كي يتوافق مع أجندته الخاصة. وفي وقتٍ تضغط روسيا لإدخال جهات وشخصيات محسوبة عليها وعلى النظام في وفد المعارضة، ترفض الأخيرة هذه الضغوط وتؤكد تمسكها بمرجعية جنيف وقرارات مجلس الأمن الناظمة للعملية التفاوضية، وحقها الحصري في تشكيل وفدها المفاوض.
وفي سياق التحضير لمؤتمر جنيف، اجتمع في أنقرة، أمس الجمعة، مستشار وزارة الخارجية التركية، أوميت يالتشين مع ممثلي المعارضة السورية العسكرية والسياسية. وبحث الاجتماع، بحسب بيان للخارجية التركية، نتائج اللقاء الدولي حول سورية في عاصمة كازاخستان أستانة، يومي 23 و24 يناير/كانون الثاني الماضي، وتحضيرات مفاوضات جنيف المرتقبة والمقررة تحت رعاية الأمم المتحدة، وسبل تثبيت وقف إطلاق النار. وكشف البيان أنه “شارك في الاجتماع المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات السورية المنبثقة عن مؤتمر الرياض، رياض حجاب، ورئيس الائتلاف السوري، أنس العبدة، وممثلو المجموعات العسكرية الذين شاركوا في لقاء أستانة، إضافة إلى رئيس المجلس الوطني الكردي السوري ابراهيم برو، ورئيس المجلس الوطني التركماني السوري أمين بوز أوغلان”.
ي هذا الصدد، كشف مصدر قريب من المعارضة لـ”العربي الجديد”، أنه “تم بحث مسألة تشكيل وفد المعارضة المفاوض إلى اجتماع جنيف”. وأوضح أن “أطراف المعارضة أجمعت على ضرورة أن يكون هذا الوفد ممثلاً حقيقياً للمعارضة، رافضة أية إملاءات أو تدخلات خارجية في تشكيل الوفد على نحو ما تفعل روسيا، التي تريد ضمّ منصات القاهرة وأستانة وحميميم إلى الوفد، علماً أن مواقفها بحسب رأي المعارضة أقرب إلى مواقف النظام منها للمعارضة”.
وأضاف المصدر أن “أطراف المعارضة رفضت أيضاً تدخلات المبعوث الدولي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا في تشكيل الوفد. واعتبرت هذا التدخل خروجاً من جانب المبعوث الدولي عن صلاحياته”. ولفت إلى أن “كل الخيارات متاحة أمام المعارضة في حال تواصلت مثل هذه الضغوط، وفي حال لم يتم احترام وقف إطلاق النار من جانب النظام والمليشيات المتحالفة معه، ولم يتم تنفيذ الشق الإنساني من اتفاق وقف إطلاق النار المتعلق بإدخال المساعدات للمناطق المحاصرة، وإطلاق سراح معتقلين”.
وأكد المصدر أن “الكلمة النهائية في تشكيل وفد المعارضة ستكون لاجتماع الهيئة العليا للمفاوضات في العاشر من الشهر الحالي، وهي الجهة المخولة لبحث هذا الأمر”، مرجّحاً أن “يتم إدخال بعض التعديلات على وفد أستانة من دون الخضوع للإملاءات الخارجية”.
وفي إطار دعم مطالب المعارضة، يُعقد في أستانة، بعد غد الاثنين، اجتماع لمناقشة عمل آلية الرقابة على نظام وقف إطلاق النار في سورية، حسبما أعلن دي ميستورا، وأكده المتحدث باسم وزارة الخارجية الكازاخستانية، أنور جايناكوف الذي أشار إلى أن “اللقاء سيضمّ وفوداً من روسيا وتركيا وإيران وبمشاركة ممثل عن الأمم المتحدة”.
وأضاف جايناكوف أن “المشاركين في اللقاء يخططون لمناقشة تمسك الأطراف في سورية بوقف إطلاق النار والنظر في اقتراح طرحته المعارضة السورية المسلحة، في شأن تعزيز نظام الهدنة الذي دخل حيّز التنفيذ في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي”.
بدوره، اعتبر وزير الخارجية الكازاخستاني خيرت عبد الرحمنوف، أمس الجمعة، أن “المباحثات الروسية التركية الإيرانية تسهم بشكل فعال في تسوية الوضع في سورية”. أما روسيا، فقد اعتبرت أن “اجتماع أستانة سيركز على بحث سبل الفصل بين المعارضة السورية المعتدلة وجبهة فتح الشام”. وأفاد بيان لوزارة الدفاع الروسية، بأن “خبراء من روسيا وتركيا وإيران والأمم المتحدة سيبحثون أيضاً في أول لقاء لمجموعة العمليات المشتركة، مسائل ملحة أخرى متعلقة بالتسوية في سورية”. وتمّ إنشاء هذه المجموعة خلال اجتماع أستانة.
وإذا كان الملف السوري بات محصوراً في الآونة الأخيرة بين بعض العواصم المحددة مثل موسكو وأنقرة وأستانة، فضلاً عن طهران ودمشق، مع تدخلات من بعض ممثلي الأمم المتحدة، فإن الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، بدأت تقترب من المشهد السوري من بوابات عدة.
ي هذا الإطار، التقى وزير الخارجية الأميركي الجديد ريكس تيلرسون، أمس الجمعة، في واشنطن مع المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، في أول لقاء لهما لبحث الأوضاع في سورية. كما أعلن مصدر في وزارة الخارجية الروسية أن “موسكو مستعدة للتواصل مع تيلرسون في أي لحظة،” مشيراً إلى أنه “من الصعب التنبؤ بموعد اللقاء الأول بين الوزيرين سيرغي لافروف وريكس تيلرسون”. وكان ترامب، قد عين تيلرسون خلفاً لجون كيري، وسط انتقادات من قبل الحزب الديمقراطي، لعلاقة الوزير الجديد الوطيدة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
كما أعلن البيت الأبيض في بيان، ليل الخميس ـ الجمعة، أن “ترامب بحث مع ملك الأردن، عبد الله الثاني إمكانية إقامة منطقة آمنة في سورية”. وأوضح البيان أن “الطرفين ناقشا الأمر خلال لقاء قصير جمعهما في العاصمة الأميركية واشنطن”، من دون ذكر أية تفاصيل إضافية.
وكان البيت الأبيض، قد ذكر في بيان، قبل أيام، أن “السعودية وافقت على دعم مقترح ترامب، بإنشاء منطقة آمنة شمالي سورية، وذلك خلال مكالمة هاتفية أجراها الأخير مع الملك السعودي، لتبدي روسيا استعدادها لدراسة المقترح في حال وافق عليه نظام بشار الأسد”.
العربي الجديد