تبدأ اطياف المعارضة السورية في مؤتمر مقرر الثلاثاء بالرياض “مهمة صعبة” للتوصل الى رؤية مشتركة حول مصير رئيس النظام السوري بشار الاسد في اي مرحلة انتقالية وهو نقطة خلاف رئيسية بين المعنيين بالنزاع.
وتدفع السعودية من خلال المؤتمر الاول الذي يشارك فيه مناهضو النظام السياسيون والعسكريون، لتوحيد صفوف المعارضة قبل الاول من كانون الثاني/يناير، الموعد الذي وضعته الدول الكبرى كهدف لجمع طرفي النزاع المستمر منذ 2011.
وستدعى الى المؤتمر على الارجح قرابة مئة شخصية ابرزها ممثلون للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي المقبولة من النظام و”مؤتمر القاهرة” الذي يضم تيارات وشخصيات معارضة من الداخل والخارج.
وسينضم اليهم ممثلو فصائل مسلحة غير مصنفة “ارهابية”، كالجبهة الجنوبية المدعومة من الغرب و”جيش الاسلام” ابرز فصائل المعارضة في ريف دمشق. وذكرت صحف سعودية ان دعوة وجهت ايضا الى حركة احرار الشام.
وتوصلت دول ابرزها الولايات المتحدة والسعودية الداعمتان للمعارضة، وايران وروسيا المؤيدتان للنظام، في فيينا في، الى اتفاق لتشكيل حكومة انتقالية خلال ستة اشهر واجراء انتخابات خلال 18 شهرا بمشاركة سوريي الداخل والخارج.
ورغم الاتفاق، لا يزال مصير الاسد موضع تجاذب يعرقل اي حل للنزاع الذي اودى باكثر من 250 الف شخص.
ويقول عضو الائتلاف سمير نشار لوكالة فرانس برس، ان مؤتمر الرياض سيكون “امام مهمة صعبة محفوفة بالمخاطر”، موضحا ان ابرز اهدافه التوصل الى “موقف مشترك ورؤية سياسية واضحة حول سوريا المستقبل والمرحلة الانتقالية والموقف من بشار الاسد”.
وإزاء “الخلاف الجوهري” حول “دور ومستقبل” الاسد، يتخوف نشار “من ان تطالب بعض الفئات المحسوبة على بعض الدول التي تؤيد النظام السوري، ببقاء بشار الاسد في المرحلة الانتقالية، وهذا يضع المؤتمر امام تحديات خطيرة تؤثر على امكانية نجاحه”.
وتطالب المعارضة وداعموها برحيل الاسد، بينما يدعو حلفاؤه لتقرير مصيره من قبل “الشعب السوري”.
خارج المرحلة الانتقالية أم ضمنها؟
وبعد اعوام من التشديد على اولوية رحيل الاسد، صدرت مؤخرا عن مسؤولين غربيين تصريحات تلمح الى امكان قبول بقائه لمرحلة انتقالية. ورأى هؤلاء ان حل النزاع يسهم في القضاء على تنظيم الدولة الاسلامية الذي تبنى مؤخرا هجمات دامية، ابرزها في باريس.
وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في مقابلة نشرت السبت، ان “مكافحة داعش امر حاسم لكنها لن تكون فعالة تماما الا اذا اتحدت كل القوى السورية والاقليمية”.
وسأل “كيف يكون ذلك ممكنا طالما بقي في الرئاسة بشار الاسد الذي ارتكب كل هذه الفظائع ويقف ضده جزء كبير من السكان؟”، مؤكدا ان الوصول الى “سوريا موحدة يتطلب انتقالا سياسيا. هذا لا يعني ان الاسد يجب ان يرحل قبل الانتقال لكن يجب ان تكون هناك ضمانات للمستقبل”.
وكان نظيره الاميركي جون كيري دعا الشهر الماضي الامارات والسعودية الى تشجيع المعارضة للموافقة على التفاوض، مؤكدا ان ذلك سيساهم في عزل التنظيم.
الا ان المعارضة المدعومة من الغرب، تتمسك بمبدأ رحيل الرئيس السوري.
ويقول عضو الائتلاف احمد رمضان “المعارضة متشبثة برحيل الاسد مع بداية الفترة الانتقالية (…) لا يمكن بدء تفاوض الا اذا اتفقنا على مبدأ رحيل الاسد ومتى يرحل الاسد”.
ويؤكد نشار ان الجميع يريد وقف القتل في سوريا “لكن هذا لا يعني ان نقبل ببشار الاسد في المرحلة الانتقالية اذا توقف عن القتل”.
في المقابل، دعا مسؤولون في معارضة الداخل الى ترك مصير الاسد للسوريين.
وقال رئيس هيئة التنسيق حسن عبد العظيم بعيد تلقيه دعوة للمشاركة في المؤتمر “في ما يتعلق بالرئيس بشار الاسد، هناك نوع من التوافق الدولي على ان هذا موضوع يقرره السوريون”.
واستثني من الدعوة الى المؤتمر المقاتلون الأكراد وعلى رأسهم وحدات حماية الشعب، إحدى أكثر القوة فاعلية ضد الجهاديين.
وقال مسؤولون في الائتلاف ومقره اسطنبول، انه تحفظ على مشاركة الوحدات لأنها “لم تقاتل قوات النظام”. ويرفض الاكراد الذين تجمعهم علاقة متوترة بتركيا، هذا الاتهام.
وشهدت المعارضة خلال الاعوام الماضية تجاذبات نفوذ بين دول داعمة لها، خصوصا السعودية وقطر وتركيا، ما انعكس صراعا على السلطة وخلافات بين مختلف مكوناتها.
دفع سعودي لمعارضة موحدة
الا ان السعودية تدفع من خلال المؤتمر باتجاه توحيد صفوف المعارضة وهو ما اكد وزير الخارجية السعودية عادل الجبير انه ضروري لتؤدي المعارضة “دورا اكثر فاعلية في المحادثات”.
ويقول المحلل السياسي السعودي جمال خاشقجي ان الرياض تريد الوصول الى “معارضة سورية موحدة، والحؤول دون ادعاء الروس وغيرهم الا وجود” لمعارضة كهذه.
واعتبر خاشقجي ان تحقيق ذلك “سيسهل عملية التخلص من الاسد”. ورغم توقعه “وجود خلافات” خلال المؤتمر، اكد ان “معظم الوفود تتفق على امر واحد: يريدون خروج بشار”.
وحتى في حال نجاح المؤتمر، لا يخفي معارضون عدم تفاؤلهم بالتوصل الى حل بين طرفي النزاع، خصوصا بعدما فشلت مفاوضات مماثلة في تحقيق تقدم.
ويقول رمضان ان “المشكلة هي في ما بعد (مؤتمر) الرياض. لا يتوفر حتى الآن شريك سياسي في سوريا يمكن ان يدخل عملية سياسية تفضي الى مرحلة انتقالية”. ويتابع “الجو الدولي قد لا يبدو بعد مهيأ لفكرة الحل السياسي في سوريا”.
ميدل ايست أونلاين