«نيل آرمسترونغ العرب» رائد الفضاء السوري اللواء محمد فارس، واحد من ملايين السوريين الذين تسببت معارضتهم لنظام الأسد، في خروجهم من سورية تحت التهديد والوعيد من أنصار الأسد الذين يعرفون باسم «الشبيحة».
يعيش اللواء فارس الذي شغل مناصب عدة في سورية آخرها مستشار عسكري للرئيس السوري، في مدينة اسطنبول التركية على بعد أميال عدة من مسقط رأسه مدينة حلب (شمال)، التي شهدت أخيراً قصفاً عنيفاً من الطائرات الروسية والسورية تسبب في مقتل ونزوح آلاف المدنيين باتجاه الأراضي التركية.
صعد فارس إلى الفضاء ضمن برنامج الفضاء السوفياتي في مركبة الفضاء «سويوز أم3» إلى المحطة الفضائية الروسية «مير» في 22 تموز (يوليو) 1987، مع رائدي فضاء روسيين ضمن برنامج للتعاون في مجال الفضاء بين دمشق وموسكو.
وتحدث رائد الفضاء الى صحيفة «غارديان» البريطانية عن رحلته: «كانت سبعة أيام و23 ساعة وخمس دقائق غيرت حياتي»، وأضاف: «نفذت تجارب علمية والتقط صوراً لسورية من الفضاء».
وعندما عاد فارس إلى الأرض اعتبره السوريون بطلاً قومياً. ويقول إنه بعد عودته طلب من الرئيس السوري آنذاك حافظ الأسد، إنشاء وتمويل معهد وطني لعلوم الفضاء لمساعدة السوريين الآخرين في السير على خطاه، فكان جواب الأسد الرفض.
وأضاف في حديثه إلى الصحيفة البريطانية أن «حافظ الأسد أراد أن يبقي شعبه غير متعلم ومقسم، وضعيف المعارف»، وتابع: «هذه هي الطريقة التي تبقي الحكام المستبدين في السلطة. وكان (الأسد الأب) يعتقد أن إعطاء الناس القدرة على تعلم علوم الفضاء، أمر خطير».
عندما مات الأسد واستلم الحكم ابنه بشار في العام 2000، أصبح فارس مستشاراً عسكرياً بعد أن كان يشغل منصب رئيس «أكاديمية سلاح الجو». وفي العام 2011 ومع اندلاع الثورة السورية، شارك فارس وزوجته في المسيرات السلمية خلال الأشهر الأولى للثورة. ويقول: «عندما بدأت الاحتجاجات، كانت سلمية لشهور متتالية، وانضممت أنا وزوجتي إلى الذين ساروا في دمشق ودعوا إلى الإصلاح السلمي».
وذكر رائد الفضاء أنه ناقش الاحتجاجات والأوضاع في تلك الفترة مع القيادة السورية ودعاها إلى إجراء تغييرات وإصلاحات للوضع في البلاد، لكنه لم يلق أذناً صاغية، وقال إن «آل الأسد يعتقدون بأنهم آلهة»، وتابع: «تعرضت للتهديد من قبل مؤيدي نظام الأسد لقيامي بذلك، ولكني لم أتوقف».
الآن، وفي مكتبه في اسطنبول، لا يزال اللواء فارس يحتفظ بميداليات حصل عليها من الاتحاد السوفياتي ومنها «وسام لينين» و«بطل جائزة الاتحاد السوفياتي»، وهو أعلى الأوسمة في ذلك الوقت. ويقول إن زملاءه وأصدقاءه السابقين في روسيا عرضوا عليه المساعدة، لكنه «يشمئز من فكرة طلب اللجوء هناك»، وأضاف: «بوتين ليس الاتحاد السوفياتي. الروس اليوم قتلة ومجرمون ويناصرون القتلة».
وقال رائد الفضاء السوري لـ «غارديان»: «حلمي أن أجلس في بلدي، في حديقتي، وأرى الأطفال يلعبون في الخارج من دون خوف من القنابل»، وأكّد: «سنرى ذلك، وأنا أعلم أننا سنرى ذلك يتحقق. أردت فقط مستقبلاً أفضل لأولادي وبلدي».
وأشار في حديثه مراراً إلى صمود الشعب في مسقط رأسه حلب، إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم، وقال: «الحضارة السورية عمرها 10 آلاف سنة. واستمرت في الحياة طوال هذه المدة، الآن يحاول الأسد تدميرها»، ويختم بحسرة: «من بعيد، عندما كانت الأرض صغيرة جداً، شعرت حقاً أنه يمكنني أن أحدث فرقاً بعد عودتي. لكن الأمر لم يكن سهلاً».
صحيفة الحياة