بعد العجز الذي أبداه المجتمع الدولي في إيجاد حلول جذرية للأزمة السورية، بعد قرابة الخمسة أعوام من الحرب، التي أدت لتهجير مئات الآلاف من المدنيين، وسوء الظروف المعيشية لدى هؤلاء، بالإضافة إلى سياسة الحصار المفروضة من قبل نظام الأسد وحلفاءه، ما هيأ لوقوع كارثة إنسانية وانتشار واسع لعدد من الأمراض والأوبئة وخاصة عند الأطفال.
ومنها شلل الأطفال ظهر في أكتوبر 2013 مأدى إلى شلل 36 طفلاً في سوريا وطفلين في العراق، مما أثار مخاوف من انتشار المرض ليتحول إلى وباء عام، هذا ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى تنفيذ أكثر من 70 حملة تلقيح عامة، وإعطاء أكثر من 200 مليون جرعة لحوالي 27 مليون طفل دون سن الخامسة مرات عدة، وعرفت بأكبر حملة في الشرق الأوسط.
كان الوصول لجميع المناطق في سوريا أمر صعب للغاية وفي البعض منها مستحيل، وذلك لعدة أسباب منها الحصار ومنع النظام من الدخول إلى المناطق المحاصرة، وهناك الكثير من الأطفال، ممن لم يتلقوا اللقاح منذ عام أو عامين وفي بعض المناطق أكثر، ومثال على ذلك الغوطة الشرقية في ريف دمشق، التي تعاني من حصار خانق شحت فيه كل المواد الطبية والغذائية، ما مشكلة كبيرة، كما أن المعارك والتهجير المستمر لكثير من العائلات السورية، جعلها من المحرومين من اللقاح.
أبو وليد أحد سكان مناطق الغوطة الشرقية يقول: “لقد شهدت هذه المناطق تأخر ملحوظ في الناحية الطبية، لعدم سماح النظام بدخولها المواد والأدوات الطبية، وهنا منذ أكثر من سنتين ونصف لم يتلقى أطفالي اللقاح، ولم تستطع المنظمات الإنسانية والصحية الوصول إلينا”.
وقد أكد “كريس ماهر”، مدير برنامج استئصال شلل الأطفال وحالات الطوارئ في منظمة الصحة العالمية في ورشة مناقشة عقدت في بيروت في الشهر الجاري: “تتزايد حالات عدم الاستقرار في العديد من دول المنطقة، مما يجعل عملية الوصول الى الأطفال وتلقيحهم صعبة، ولذا فإن مهمتنا لم تنجز بعد، وسنستمر في العمل معاً خلال الأشهر المقبلة من أجل الوصول إلى الأطفال وإدامة الإنجازات والمحافظة على المنطقة خالية من شلل الأطفال”.
بعد غياب البرنامج الروتيني للقاح، في المناطق المحررة، وسوء الأوضاع وظهور شلل الأطفال والعديد من الأمراض الأخرى، انطلقت عدة مراحل للقاح، وقد تم تدريب كادر من الشباب وإعطائهم النصائح الطبية اللازمة، وقد قام هذا الكادر بمهامه واستطاع تلقيح عدد كبير من الأطفال، ومع التعاون من الأهالي نجح الكادر بمهامه.
“عبد الرحمن” أحد الشباب المنتمي لكادر التلقيح يعمل مع رفاقه بجد لإعطاء جرعة اللقاح لأطفال بلدته والبلدات المجاورة يقول: “بعد تأهيلنا وتدريبنا للمهمة انطلقنا في مناطق ريف إدلب الجنوبي، لنقوم بتلقيح الأطفال دون سن الخامسة، وقد كان هناك جهد واضح من الأهالي لمساعدتنا في تقديم اللقاح لأطفالهم، ما جعل المهمة أفضل وأسرع”.
وقد ذكر أحد الأطباء المختصين: “لا يوجد علاج لشلل الأطفال، ولكن يمكن الوقاية منه ليس إلا، ولقاح الشلل الذي يعطى على دفعات متعددة يمكن أن يقي الطفل من شر المرض مدى الحياة”.
لقدت كان للحرب في سوريا انعكاسها على مختلف الجوانب وكان للجانب الطبي النصيب الأكبر، الذي جعل عدة مناطق في سوريا معرضة لانتشار الأمراض وسرعة تنقلها، لغياب الوعي وعدم توفر ظروف معيشة سليمة وخاصة في المناطق المحاصرة والمخيمات.
المركز_الصحفي_السوري
إبراهيم الإسماعيل