قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن اقتراح مشروع قانون أميركي من شأنه أن يمنع استقبال لاجئين سوريين وعراقيين ردا على الهجمات التي شهدتها باريس هو إجراء يغذي موجة كراهية الأجانب التي تظهر مع كل تهديد خارجي.
وأضافت الصحيفة، في افتتاحيتها، أن مسؤولين في قطاعات الهجرة والجماعات الإنسانية وإنفاذ القانون والاستخبارات، يقولون إن هذا الاقتراح خاطئ ولن يحمي الأميركيين من «أعداء خارجيين».
وتابعت الصحيفة: إن مشروع القانون يتجاهل عمليات معقدة مثل تاريخ اللاجئين وأصول أسرهم وسجلات السفر والهجرة السابقة التي يتم فحصها من قبل المسؤولين في القنصليات والأمن الوطني والمخابرات.
علاوة على ذلك، فإن هذا القانون يتجاهل معظم ما تعلمته الولايات المتحدة منذ 11 سبتمبر وما قبله عن كيفية وصول إرهابيين محتملين إلى أميركا؛ وهو أن هؤلاء غالبا ما يعيشون في أميركا، أو يدخلون إليها عبر وسائل غير قانونية.
وخلافا للاجئين في أوروبا، فإن أولئك الذين يسعون لإعادة التوطين في الولايات المتحدة يجب أن يقدموا طلباتهم من الخارج، ولا يصلون حتى يتم الاعتراف بهم رسميا.
حتى الآن، فإن نصف اللاجئين السوريين الذين تم قبولهم في الولايات المتحدة، هم من الأطفال، وأن ربع آخر منهم تبلغ أعمارهم ما فوق الـ60، ونحو النصف من الإناث.
نظرا لهذه الحقائق، فمن الإنصاف القول إن من يتم رفض توطينهم من خلال هذا القانون سيكونون ضحايا الحرب، فهؤلاء هم الناس الذين تعرضوا للتعذيب والتهديد من قبل نفس الجهاديين الذين تحاربهم الولايات المتحدة الآن. هم أسر، وعجائز وأطفال، يمكن منحهم فرصة للحصول على التعليم والمستقبل.
وختمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول: هذا وقت مخيف لأوروبا، والولايات المتحدة، وإذا وصل هذا القانون إل مكتب أوباما فيجب على الرئيس الاعتراض عليه لأنه لا يقدم شيئا لمحاربة الإرهاب العالمي.
من جانبها تناولت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» في تقرير على موقعها عمليات الفحص التي يواجهها اللاجئون السوريون قبل دخولهم الولايات المتحدة.
وقال التقرير إنه بعد انتقادات حادة للولايات المتحدة وأنها لم تقم بدورها في المساعدة في أزمة المهاجرين التي ضربت أوروبا، أعلنت إدارة أوباما في سبتمبر أنها ترغب في إعادة توطين نحو 10 آلاف سوري في الولايات المتحدة بحلول سبتمبر المقبل. وقوبل القرار ببعض المخاوف من احتمال أن يستغل المتشددون برنامج اللاجئين في إيجاد طريقة للدخول إلى الولايات المتحدة وتنفيذ هجمات.
وبعد هجمات باريس التي أودت بحياة 129 شخصا وأنباء عن احتمال دخول أحد المهاجمين إلى أوروبا بصفة لاجئ، تصاعدت وتيرة هذه المخاوف وانتشرت إلى مقار الحكام في شتى أرجاء البلاد فضلا عن دهاليز الكونجرس الأميركي.
ودعا بول ريان، رئيس مجلس النواب الأميركي المنتخب حديثا، إلى «وقف» برنامج اللاجئين الأميركي. وكتب في تغريدة على حسابه الشخصي «أمتنا كانت دوما مكان يرحب بالآخرين، لكننا لا نستطيع أن نجعل الإرهابيين يستفيدون من تعاطفنا».
ويمر اللاجئ بإجراءات طويلة وقاسية من أجل منحه اللجوء في الولايات المتحدة وتتدخل في تلك العملية بعض الوكالات الفيدرالية.
ومقارنة بأوروبا، حيث تؤخذ البصمات وتسجل معلومات بسيطة مما يجعل إمكانية إعادة توطين المهاجرين ليست بصعبة، فإن الإجراءات الأميركية تبدو مختلفة تماما وأكثر صرامة.
إنه طريق طويل أمام اللاجئ السوري القادم إلى الولايات المتحدة، فمن أين يبدأ؟
الخطوة 1: مغادرة المنزل والوصول إلى مخيم تابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
نظرا للأحداث التي تمر بها المدن والبلدات والقرى، نزح الملايين من السوريين داخليا وخارجيا. لكن من أجل أن تصبح مؤهلا لإعادة التوطين الدائم في بلد آخر، يجب على الأشخاص مغادرة سوريا والعثور على مخيم تديره المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بلد مجاور. والكثير من هذه المخيمات تتيح ظروف المعيشة الأساسية فقط.
وفي حال وصولهم إلى المخيم، يسجل النازح بياناته كلاجئ ويتاح له خيار تقديم طلب لجوء خارجي. ولا توجد خطوات ضامنة حتى هذه اللحظة، فليس كل لاجئ تحيله المفوضية السامية للخطوة التي يمكنه فيها طلب اللجوء. ويسمح للاجئين بإعلان الدولة التي يرغبون في اللجوء إليها، لكن القرار يعود في النهاية لتقدير المفوضية السامية.
خطوة 2: تحديدالمفوضية السامية اللاجئين لإعادة التوطين.
وقال مسؤول إداري بارز إن المفوضية السامية تحدد اللاجئين الذي يستحقون إعادة توطينهم. وتوصي المفوضية السامية بلاجئين معينين من أجل الاستفادة ببرنامج الولايات المتحدة.
وتتسلم وزارة الخارجية الأميركية طلب الإحالة من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالأمم المتحدة، وتقرر وزارة الأمن الداخلي أي الطلبات التي يوافق عليها.
الخطوة 3: بدء عملية تدقيق مع الولايات المتحدة.
وقال مسؤول بارز بالإدارة الأميركية إنه إذا تم تبرئة ساحة اللاجئ لكي تنظر الولايات المتحدة في السماح له بالدخول لأراضيها فإن عملية الموافقة تستغرق وقتا طويلا يتراوح بين 18 و24 شهرا. وقال مسؤول لصحافيين في مؤتمر صحافي عبر الهاتف: «يقبل اللاجئون بنسبة تصل إلى 50 في المئة بعد التعرض لأكثر عمليات التدقيق صرامة مقارنة بأي مسافر إلى الولايات المتحدة».
الخطوة 4: إعادة التوطين
أحيل عشرة آلاف شخص لإعادة توطينهم في الولايات المتحدة، لكن واشنطن لم تنته من النظر في طلباتهم حتى الآن. وبعد فترة تتراوح بين 18 و24 شهرا، قد يتم إرسال اللاجئين إلى مجتمعهم الجديد.
العرب القطرية