في الآونة الأخيرة اتخذ أغلب اللاجئين السوريين المغرب طريقا لعبور اوروبا عبر معبر مليليه، ولكن ما لم يعلمه كل هؤلاء أن طريق الموت في البحر أرحم ذلا من هذا الطريق المؤدي لخيبات الأمل واستنفاذ كل ما معهم مما جننوه في كل رحلة حياتهم.
أحلام وأمنيات
في الغالب يأتي السوريون من الجزائر عن طريق تهريبهم على الحدود الجزائرية المغربية، البعض منهم كان مقيما هناك والبعض الاخر أتى في الآونة الأخيرة بعد القرارات الأوروبية للسماح لهم الدخول لأراضيها.
يقطع السوري آلاف الكيلو مترات بانيا أحلامه السعيدة على عبور تلك المعابر القصيرة التي لا تتجاوز الخمسين مترا أحيانا، أشهر هذه المعابر معبر بني أنصار بين مدينة بني أنصار الحدودية مع مليليه الإسبانية، والذي يعتبره السوريين المعبر الأكثر وفرة لحظهم في النفاذ إلى مليليه، بالإضافة لمعبر آخر ولكنه أقل ازدحاما واسمه معبر(فرخانة)
وهذا المعبر موجود في قرية صغيرة غالبية مارته وعابريه من العمال والفلاحين.
إعداد العدة للعبور
عندما يصل السوري إلى المعبر سيكتشف أن هناك العشرات من السوريين قبله متواجدين هناك، منهم منذ شهر أو شهرين وهناك من طالت إقامته لمدة عشر شهور دون أمل بالعبور، ويقيم السوريين بغالبيتهم في فترة انتظارهم للأمل.
الإقامة في فنادق بين مدينة الناظور والتي تبعد قرابة النصف ساعة او اقل عن بني أنصار وهناك فنادق أيضا في مدينة بني أنصار ولكنها لا تسمح لأي سوري المبيت دون أوراق الإقامة، هذه الفنادق التي تفتقر لأدنى ظروف المعيشة لأي إنسان فلا مطابخ ولا تخديم وكل طابق له دورتا مياه فقط
أما بالنسبة للاستحمام فأنت مجبر أحيانا لدفع عشر دراهم إذا كنت تود هذه الرفاهية.
ناهيك عن أجرة الفندق ومصاريف الطعام والشراب التي ستستنفذ كل طاقتك وما خبأته لسواد الأيام!؟؟
آخر المطاف تنكيل وذل بنكهة مغربية!!
بعد الوصول ومعرفة ظروف العيش والعبور، أنت كسوري مضطر لتكون فأر تجارب لتستطيع العبور من الجحيم إلى النعيم كما يطلق البعض من وصف، فهناك من يتجه لسوق البالة القريب من المعبر ليشتري عدة العمل، أي عدة المرور وهي ألبسة مختلفة للتنكر منها ما يبدو فيه عامل ومنه فلاح ومنه زي تقليدي مغربي، وفي غالبية الأحيان لن يفلح معك ذلك، فرائحتك كسوري ستسبقك ليرجعك رجال الشرطة من على باب المعبر قبل وصوله، أو احتجازك لساعات في قسم الشرطة لو كنت طفلا، ناهيك عن الضرب والشتائم والتقريع ومن تلك العبارات(لو كان لديكم كرامة ما تركتم بلادكم ولمتم فبها).
وعبارات كثيرة مخالفة للحياء والأدب، والانتهاكات التي لا تعد ولأتحصى، ولكن إن كنت من سعيدي الحظ سوف تضيع في الزحام وتصل إلى الحدود الاسبانية ليستقبلك هؤلاء بحنان أم لم تلدك!!!
المهربين والصيد في الماء العكر
في رحلة العبور سوف تجد كأي مكان أخر من يتاجر بهمك ودمك ولن يتوارى عن سحب آخر فلس معك، ولكل تسعيرته حسب نوع (التهريبة)
فالعبور متخفيا مشيا يتراوح بين ٣٠٠و٥٠٠يورو
بينما القفز من وراء الحائط على حبل ويتراوح من٥٠٠الى١٠٠٠يورو وهناك في السيارة وهي أنسب طريقة وأسرعها وأئمنها ويتراوح ما بين١٢٠٠الى١٥٠٠يورو وكل هذا وقد تقع فريسة للنصب والكذب والتشبيح على أيدي لصوص لا ترحمك ولا ترحم أطفالك، وهناك أيضا العبور بجواز مغربي أو هوية مغربية، خاصة بمنطقة الناظور ولكنها ستلبسك تهمة وجناية تزوير بأوراق رسمية، وكأنك ستتحمل ضربة أخيرة!!!!
الوصول إلى مرادك
عندما يصل السوري إلى بر الأمان سيكتشف الفرق سريعا وما يلبث أن يدعو بأن يلحق به كامل أسرته فالكثير ممن عبروا تركوا ورائهم أطفالهم أو نسائهم أو أمهاتهم ولم يسعفهم حظهم بالعبور، تلك قصة آخري لعذاب جديد سيجبر بعض السوريين أحيانا للعودة لاستحالة دخول ذويهم كما فعل الكثيرون،
هي رحلة موت بعذاب بطيء، صحيح آنها لن تغرق أنفاسك، لكنها ستطحن كرامتك، وتسحب طاقتك وصبرك، وكل أملك.
ولكن يبقى هناك امل في نهاية النفق، وهي أن تقطع تلك الأمتار القليلة ليعاملك أحدهم كإنسان.
المركز الصحفي السوري – زهرة محمد