خلال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار الماضيين نشأ جدل عالمي وعربي واسع حول مذنب جديد يقترب من الأرض يدعى “أطلس”، مع شائعات مستمرة عن اقتراب حادث جلل. ولقيت تلك الأخبار انتشارا واسعا بسبب ما يعانيه العالم اليوم من قلق بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.
أطلس في السماء
في الواقع، هناك بالفعل مذنب يدعى “أطلس” (C/2019 Y4 ATLAS)، تم اكتشافه في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2019، حيث التقطه المرصد الإلكتروني “أطلس” التابع لوكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا)، وكان وقتها خافتا للغاية بحيث لا يمكن بحال أن يُرى إلا بتلسكوبات خاصة.
في ذلك الوقت كان المذنب يمر في السماء إلى جانب مجموعة نجوم الدب الأكبر، لكن بحلول يوم 20 مارس/آذار الماضي كان لمعان المذنب قد ارتفع كثيرا بحيث أصبح ممكنا للهواة رصده بتلسكوباتهم الصغيرة، وحاليا بالنظارات المعظمة كذلك.
خلال تلك الفترة اتضح هيكل المذنب بصورة أكبر، فهو يتكون من رأس تمتزج فيه الصخور والثلوج، يظهر بلون مائل للأخضر في الصور الملونة بسبب وجود الكربون ثنائي الذرات بشكل أساسي ضمن مكوناته، مع ذيل بطول 3.3 ملايين كيلومتر.
هذا النوع من المذنبات قادم من الأطراف البعيدة للمجموعة الشمسية، حيث يتخذ مدارا بيضاويا يقترب من الشمس في بعض الفترات ثم يبتعد عنها ليعود مرة أخرى إلى أطراف المجموعة الشمسية، ويعتقد باحثو ناسا أنه يُتم دورة واحدة كل حوالي 5519 سنة.
هل سنرى أطلس قريبا؟
المذنب الآن يعبر مدار المريخ قادما ناحية الشمس، حيث سيمر إلى جوارها على مسافة ربع وحدة فلكية تقريبا، أي ربع المسافة بين الشمس والأرض، ثم يستكمل دورته عائدا إلى الفضاء السحيق.
وبحسب تتبع مسار المذنب في السماء، فإنه من المحتمل أن يزداد لمعانه بينما يمر خلال مجموعة نجوم الزرافة، ويمكن في مايو/أيار المقبل أن يظهر بشكل واضح تراه العين، لكنه لن يكون قريبا من الأرض كما تصور بعض الأخبار التي تملأ مواقع التواصل الاجتماعي.
حيث يمكن فقط أن تراه كغيمة تلمع مثل أحد النجوم بعد غروب الشمس إذا نظرت باتجاه الشمال الشرقي، وسيكون ذلك، على بساطته، حدثا ممتعا للكبار والأطفال على حد سواء.
لكن ذلك للأسف غير مؤكد، فالمذنب صغير الحجم، ويمكن أن يتفتت مع اقترابه من الشمس، وكانت ملاحظات فلكية قد أشارت بالفعل إلى أن أطلس، على الرغم من لمعانه المتزايد، فإنه يختبر اضطرابا في اللمعان من حين لآخر، وأرجعت ذلك إلى إمكانية أن يكون في مرحلة تفتت.
وفي كل الأحوال، فإن المذنب أطلس بالفعل هو الألمع في سماء 2020، لكن الأمر ليس كما يصوره البعض، فهو لن يكون ألمع من نجم صغير، ولا يمثل بأي حال -بحسب وحدة ترقب الأجسام القريبة من محيط الأرض التابعة لناسا- أي خطر قريب.
هذا النوع من الظواهر الفلكية معتاد بالنسبة للأرض، وفي عام 1997 مر المذنب هالي بنا بسلام وكان مشهدا ممتعا تداولته وسائل الإعلام وخرج الكثيرون لتأمله، وللأسف فأطلس قد لا يكون بلمعان هالي في مايو/أيار، لكن إن ظهر، ولو بشكل طفيف، فستكون فرصة جيدة لرؤية مذنب في السماء.
المصدر : الجزيرة