“في العين دمع وفي القلب ألم وعلى اللسان دعاء لا ينقطع، اللهم ارحم من بات تحت التراب في حلب، وانتقم لأرواحهم الطاهرة ممن ظلمهم” كلمات لطالما رددها أبو محمد (47 عاماَ) من أبناء حلب المهجرين إلى الشمال السوري بعد رحلة ألم طويلة وهرب من واقع التشفي الذي بات سلاح الميليشيات الإيرانية وقوات النظام التي كان همها الأكبر انتقاما.. وبلا رحمة
ولدى لقائنا بأبي محمد في مدينة إدلب حدثنا عن تشفيه هو بأسر إيرانية اتخذت من القبور مساكن لها تقيها من برد الشتاء ولسان حاله ينطق “الحمدلله من يسعى لإشعال النيران في وطني لا بد لتلك النيران أن تحرقه، وهاهم الإيرانيون يدفعون ضريبة حربهم المكلفة والتي انعكست سلباَ على مجتمعهم ليواجه مزيداَ من موجة الفقر والمآسي الاجتماعية التي تتفاقم يوماً بعد يوم كضربية لا بد للسكان أن يدفعوها نتيجة سياسة خارجية مجحفة بحق أبناء إيران”.
بعد التفاصيل القاسية التي نقلتها وسائل الاعلام الإيرانية داخل مقبرة شهريار غربي طهران، حيث دفع الفقر المدقع والتشرد والإدمان عددا من الأسر إلى اتخاذ هذه القبور مساكن احتماء واتقاء من برد الشتاء، وقد ظهرت انتقادات شديدة للحكومة التي انشغلت حسب آراء الكثيرين بالحرب والسياسة الخارجية في سوريا واليمن ودعم حزب الله اللبناني وميليشيات العراق الشيعية، على حساب تحقيق راحة مواطنيها.
تحفر القبور لاستقبال الموتى ثم يسكنها شخصان أو ثلاثة أو حتى أربعة من عائلة واحدة، يتسولون خلال اليوم في شوارع طهران، ثم يعودون مساءً للمبيت في القبور وكثير منهم يشتكون من الاعتداء عليهم بالضرب والإهانة، ولسان حالهم يتساءل لماذا يحدث معنا ذلك ونحن كسائر الإيرانيين ولسنا غرباء ولا حتى أجانب.
أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع عدم التعاطف معهم سوى قلة من الناس حتى إن جيرانهم في مناطق العمران تعودوا على رؤية تلك المشاهد المأساوية وتنوعها بسبب تزايد عدد الفقراء والمدمنين.
أما عن ردَ الرئيس الإيراني “حسن روحاني” فكان رده بالقول “إنه لا يمكن لأحد أن يقبل بأن يعيش أشخاص داخل قبور في بلد كإيران يملك ما يملك من مقدرات، وذكر أنه كلف مسؤول محلي بتسوية المسألة”.. لكن ورغم ذلك الحل الرئاسي إلا أن حقيقة واضحة باتت ظاهرة في تزايد نسبة الفقر والبطالة في المجتمع الإيراني يعزز مثل تلك الظواهر، أما السؤال المطروح تلقائياً في الأذهان، كيف لبلد نفطي وغني بالموارد كإيران يمكنه القبول بتلك الظاهرة؟! وخصوصاً بأن تلك الظاهرة تشكل ضغطاً على الرئيس “حسن روحاني” وهو يستعد لانتخابات رئاسية قادمة؟!
مرض اجتماعي لا حت ظواهره في الأفق وليست جريمة اجتماعية، أجبرت الشارع الإيراني على حدة النقاش حول ذلك، ونقد السياسة التوسعية الخارجية التي تعتمدها في ظل غياب تام للاهتمام بالمواطن الإيراني.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد