تسببت الحرب الدائرة في سوريا في مقتل أكثر من 270 ألفاً من سكان البلاد، وأجبر الملايين على النزوح، ومع ازدياد الصراع دفع أكثر من نصف السوريين للفقر.
حيث أعلن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في دمشق أن أكثر من نصف سكان سوريا، البالغ عددهم 24 مليوناً، يعانون من الفقر، وهو رقم يمثل ضعف عدد الفقراء قبل الثورة.
تكشف “أم سامر” من ريف حلب (41 عاماً) عن فقر طال الصغير قبل الكبير “الواقع الذي نشهده في حلب اليوم جعلنا أشبه بالطيور التي تستيقظ مبكرة في أول الصباح، ببطون جائعة.. تطلب من الله رزقها بشكل يومي.. آه في حرب طحنت البشر قبل الحجر.. أصبحت اللقمة مغمسة بالدم”.
كما عزت المسؤولة الأممية سبب هذا الارتفاع إلى أن “معظم النازحين داخل سوريا والبالغ عددهم 3.6ملايين شخص وبقية السكان استنفدوا مدخراتهم، ولم يعد بإمكانهم التأقلم مع الأزمة والصعوبات الاقتصادية الناجمة عنها”.
وطبعاً العمل الإغاثي لا يقتصر على تقديم المساعدات للأهالي، إنما يركز على طريق “التعافي المبكر” أي مساعدتهم على المواجهة للاستمرار.
تكشف هبة (26 عاماً) من ريف إدلب “اليوم في سوريا ما عادت العلاقات الاجتماعية كما كانت في الماضي.. لا ولائم طعام بين الأهل والجيران ولا حتى تجمعات بعد التهجير والنزوح، أصبح الفرد فينا لا يستطيع تأمين قوت اليوم.. لست بخير مع أطفال جياع وزوج معاق أفقدته الحرب ساقه اليمنى، وكل ما أخشاه في وضع يزداد سوءاً.. العجز عن تأمين رغيف الخبز، لأفواه جياع وأجساد صغار لا حول لهم ولا قوة”.
ومع غياب الذكور في بعض الأسر السورية، من زوج مسافر وآخر معتقل، ومن فارق الحياة مسبباً الألم والحسرة لقلوب الأهل التي فاضت بالهموم.
لم يعد من المستغرب في الوقت الحالي إيجاد أسر سورية من دون رجال، وتعتمد بالمطلق على النساء الأكثر ضعفاً في حياة عجز الرجال عن الاستمرار فيها.. تتحدث “حنان” من ريف حلب “أنها بعد سفر زوجها واعتقال والدها، باتت مسؤولة عن كل شيء فهي الزوج والأم، وما زاد من صعوبة المعاناة أن أولادها صغار”. تتابع الحديث بدموع تسبق الكلام “تعبت قدماي من المشي في الطرقات منذ الصباح بحثاً عن تقديم المساعدة للآخرين من غسل أطباق الطعام وتنظيف المنازل المدمرة والمهجورة للأهالي العائدين من نزوح مرير، مفضلين الموت تحت القصف.. وضعي المادي يزداد سوءاً وأعيش على الكفاف”.
كان ومازال المستضعفون والفقراء، هم الأكثر ألماً ومعاناة، لكن في سوريا التي شهد العالم لها بالصبر، ورغم الحرب مازال الأهل متمسكين بالحياة.
تقول جارة هبة “اعتدنا على حياتنا اليومية رغم التنقل لعدة مرات، ورغم خسارتنا للمنزل ومحتوياته، تمكنّا من التأقلم مع الحياة الحالية.. ومع الفقر والمعاناة .. نزداد صبراً على أرض وطن ولدنا فيه ونرجو من الله أن يتعافى من الأوجاع والأحزان وبات من الضروري أن يعود الأبناء.. لإعادة البناء”.
المركز الصحفي السوري– بيان الأحمد