بعد أيام من الهدوء النسبي، اشتعلت جبهات غرب حلب في شمال سورية أمس بعدما بدأت فصائل معارضة هجوماً واسعاً جديداً يهدف إلى فك الحصار عن أحياء شرق المدينة، في استباق لـ «إنذار روسي» ينتهي مساء اليوم الجمعة ويمنح المعارضين فرصة، قد تكون أخيرة، للانسحاب منها. وبهذا الهجوم، تُترجم الفصائل عملياً رفضها المعلن للعرض الروسي، لمعرفة نوايا موسكو وما إذا كانت ستُنفذ تهديداتها بمعاودة القصف الجوي على حلب المتوقف منذ أسبوعين. وقال مسؤولون غربيون إنهم يتوقعون مشاركة أسطول روسي يضم حاملة طائرات تبحر حالياً في البحر المتوسط، في هجوم ضخم للقوات النظامية على أحياء شرق حلب.
وبالتزامن مع تطورات حلب، برزت أمس مجدداً «عقدة» معركة طرد «داعش» من مدينة الرقة عاصمة التنظيم المفترضة في سورية، إذ أعلنت «قوات سورية الديموقراطية»، التحالف العربي – الكردي المدعوم من واشنطن، أنها ستقود عملية تحرير الرقة والتي لن تشارك تركيا فيها. وقال المتحدث باسم هذه القوات طلال سلو في مؤتمر صحافي في مدينة الحسكة (شمال شرقي سورية)، إن موعد انطلاق المعركة لم يحدد بعد، مضيفاً رداً على سؤال لوكالة «فرانس برس» حول مشاركة تركيا في العملية: «تم حسم الموضوع مع التحالف (الدولي) بشكل نهائي، لا مشاركة لتركيا». وتابع: «نحن جاهزون. نملك العدد الكافي، وعلى هذا الأساس سنقوم بإطلاق هذه الحملة في وقت قريب».
وكانت تركيا أصرّت على المشاركة في عملية تحرير الرقة مشترطة أن لا تشارك فيها «وحدات حماية الشعب» الكردية، وهي جزء أساسي من مكونات «قوات سورية الديموقراطية». وسعت الولايات المتحدة على مدى أسابيع إلى تذليل هذه العقدة وتذليل الاعتراضات المتبادلة بين الأتراك والأكراد. ويُعتقد أن الأميركيين يعملون على أن تدخل الفصائل العربية في «قوات سورية الديموقراطية»، وليس الأكراد، إلى داخل الرقة، بهدف تهدئة مخاوف أنقرة التي تقول إنها تخشى على السنّة السوريين، وهو موقف كررته أيضاً في موضوع تحرير مدينة الموصل العراقية.
في غضون ذلك، أعلنت «جبهة فتح الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) أن الهجوم على غرب حلب أمس بدأ بتفجير عنصر فيها «عربة مدرعة» في حي حلب الجديدة، ثم تبعه تفجيرٌ انتحاري ثان في الحي ذاته. ومهّد التفجيران لانطلاق «مدرعات الاقتحام» و «دخول الاستشهاديين» الذين تمكنوا من «كسر الخط الدفاعي الأول والتوغل داخل حي حلب الجديدة»، وفق ما جاء في سلسلة تغريدات للجبهة على حسابها في موقع «تويتر». وأكدت «فتح الشام» أيضاً «وصول الانغماسيين إلى كتلة الأبنية الأولى في (حي) 3000 شقة»، حيث تدور اشتباكات في «داخل الحي» و «ما زال التقدم مستمراً». كذلك أعلنت «حركة نور الدين الزنكي» المشاركة في «توغل المجاهدين في حي حلب الجديدة بعد كسر الخطوط الدفاعية الأولى» للقوات النظامية. ووزعت فصائل أخرى مثل «حركة أحرار الشام» و «فيلق الشام» و «جيش المجاهدين» صوراً لعشرات من عناصرها وهم يستعدون للمشاركة في الهجوم.
وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أن الفصائل نفّذت 3 تفجيرات بعربات مفخخة ضد «تمركزات القوات النظامية في أطراف حلب الجديدة وضاحية الأسد» تبعها «هجوم عنيف من الفصائل الإسلامية والمقاتلة وجبهة فتح الشام والحزب الإسلامي التركستاني في محاور مشروع 1070 شقة وحلب الجديدة وضاحية الأسد وأطراف منيان»، مشيراً إلى أن «الفصائل تحاول لليوم السادس على التوالي تحقيق مزيد من التقدم في القسم الغربي من مدينة حلب بغية الوصول إلى أحياء حلب الشرقية لفك الحصار المفروض عليها» منذ الصيف. وفي الإطار ذاته، أوضحت شبكة «شام» الإخبارية المعارضة أن «هدف الثوار من دخول حي حلب الجديدة هو إحكام الحصار على… الأكاديمية العسكرية التي تتربع على منطقة استراتيجية في حي الحمدانية بين حلب الجديدة من الشمال ومشروع 3000 شقة من الجنوب وضاحية الأسد المحررة من الغرب».
في غضون ذلك، أوردت وكالة «إنترفاكس» الروسية معلومات عن أن طائرة أميركية مضادة للغواصات اقتربت أمس الخميس، من القاعدة البحرية الروسية في ميناء طرطوس السوري. ونقلت عن مواقع متخصصة في متابعة تحركات الطيران الحربي، أن الطائرة من طراز «بي 8 آي بوسيديوم» انطلقت من قاعدة في صقلية وحلقت قرب طرطوس بعدما كانت حلقت قبل ذلك شرق جزيرة كريت «مكان التواجد المفترض للطراد الثقيل الروسي الحامل للطائرات الأميرال كوزنيتسوف والسفن المرافقة له».
وفي القدس (رويترز)، قال القائد السابق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي آفي ديختر، إن إيران تقود قوة من 25 ألف عنصر شيعي، معظمهم مجندون من أفغانستان وباكستان، للقتال في سورية. ويرأس ديختر لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، وجاءت معلوماته عن «الفيلق الإيراني» في سورية في إطار لقاء مع وفد من البرلمان السويسري. وقال ديختر في اللقاء مع الوفد إن «حزب الله» اللبناني خسر 1600 من عناصره خلال قتالهم إلى جانب حكم الرئيس بشار الأسد.
الحياة اللندنية