استأنفت فصائل ما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا، تدريباتها بالذخيرة الحية بعدما جدّدت أنقرة الحديث عن احتمالات تنفيذ العملية العسكرية ضد مواقع قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا، التي سبق لها الإعلان عنها في مايو (أيار) الماضي.
ونقلت وسائل إعلام تركية عن قياديين في الجيش الوطني، أمس (الخميس)، أن التدريبات العسكرية انطلقت، الأربعاء، بإشراف ضباط أتراك في ريف رأس العين قرب خطوط التماس مع قوات النظام السوري و«قسد»، في ريف الحسكة، وتستخدم فيها الذخيرة الحية؛ حيث تم استهداف أكواخ مهجورة نزح منها أصحابها أثناء عملية «نبع السلام» التي نفذتها تركيا والفصائل الموالية لها في شمال شرقي سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.
وسبق إجراء تدريبات مماثلة في قرية العرازية بريف رأس العين الشرقي، الواقعة ضمن منطقة «نبع السلام»، قبالة بلدة أبو راسين، شمال غربي الحسكة، في 3 يوليو (تموز) الحالي، واستخدمت فيها المدافع والأسلحة الرشاشة.
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين أكد، في مقابلة صحافية الأربعاء، أن العملية العسكرية التركية ضد «قسد» في شمال سوريا قد تنطلق في أي لحظة على ضوء التهديدات التي تتعرض لها تركيا وقواتها.
وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن العملية قد تنطلق في أي وقت، متهماً الولايات المتحدة وروسيا بعدم الوفاء بالتزاماتهما بموجب تفاهمين، توقفت بمقتضاهما عملية «نبع السلام» العسكرية، في شرق الفرات في أكتوبر 2019.
وأبدى جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية الأربعاء، استعداد أنقرة لتقديم جميع أنواع الدعم السياسي للنظام السوري فيما يتعلق بإخراج «الإرهابيين» (في إشارة إلى مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات «قسد»)، مشيراً إلى أن بلاده وإيران تباحثتا في هذه القضية في وقت سابق. ولفت إلى أن روسيا تعمل على دمج «قسد» في جيش النظام السوري.
وقال جاويش أوغلو إن من حق النظام السوري أن يزيل التنظيمات الإرهابية، لكن ليس من الصواب أن يرى «المعارضة المعتدلة» كإرهابيين.
وتهدد تركيا بشنّ عملية عسكرية ضد «قسد» منذ مايو الماضي، وتقول إنها تهدف إلى استكمال إقامة مناطق آمنة على حدودها الجنوبية بعمق 30 كيلومتراً في الأراضي السورية. وأشار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى أن العملية ستشمل منبج وتل رفعت. وعارضت الولايات المتحدة أي تحرك عسكري تركي في شمال سوريا، محذرة من خطره على القوات المشاركة في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي.
وخلال القمة الثلاثية لضامني مسار آستانة، التي جمعت الرؤساء؛ الإيراني إبراهيم رئيسي، والروسي فلاديمير بوتين، والتركي رجب طيب إردوغان، في طهران، في 19 يوليو الحالي، أعلنت روسيا وإيران، صراحة، رفضهما العملية العسكرية التركية. وأكدتا أنها ستشكل خطراً على استقرار المنطقة، ولن يستفيد منها سوى الإرهابيين.
واعتبر مراقبون أن حديث جاويش أوغلو عن دعم النظام في إخراج من وصفهم بالإرهابيين، وإشارته إلى مناقشة هذه المسألة مع إيران، يشكل بحثاً من جانب أنقرة عن مخرج لإبعاد الوحدات الكردية عن حدودها الجنوبية إلى المسافة التي تريدها، وهي 30 كيلومتراً، في ظل ما تواجهه من صعوبات في شن العملية العسكرية التي تلوح بها من وقت إلى آخر، في ظل إجماع مختلف الأطراف الفاعلة في سوريا على رفضها، وعدم وجود دعم دولي لها.
ومنذ إعلان أنقرة عنها، خلال الفترة الماضية، بدأ جيش النظام السوري إرسال تعزيزات نحو مناطق سيطرة «قسد» في شرق وغرب الفرات. وتحدث مسؤولون من «قسد» عن اتفاقية مع النظام، قادت إلى إرسال أسلحة ثقيلة إلى خطوط التماس، كما نشطت القوات الروسية في إرسال التعزيزات إلى تلك المناطق أيضاً. وأعلنت دمشق أن جيشها سيتدخل في الوقت المناسب لصد أي هجوم تركي.
ويواصل جيش النظام توسيع نقاط انتشاره في ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي وتعزيزها تحسباً للعملية التركية.
في سياق متصل، قصفت القوات التركية المتمركزة في منطقة «نبع السلام» بشكل مكثف، الخميس، قرى الدبس هوشان وخالدية وصيدا ومخيم عين عيسى وطريق حلب – اللاذقية الدولي «إم 4» شمال الرقة، في إطار التصعيد التركي في مناطق شمال شرقي سوريا عبر استهدافات يومية وقصف بالمسيرات على أهداف عسكرية ومدنية، وسط التلويح المتكرر بالعملية العسكرية المحتملة.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمقتل 4 من عناصر قوى الأمن الداخلي (الأسايش) التابعة لـ«قسد»، هم 3 نساء ورجل، جراء استهداف سيارتهم في محيط قرية تل السمن بريف الرقة الشمالي بصاروخ من طائرة مسيرة تابعة لسلاح الجو التركي.
وقال المرصد إن حالة استياء شديدة تسود أوساط التشكيلات العسكرية العاملة بمنطقة عين عيسى وريفها، ضمن مناطق نفوذ الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشمال شرقي سوريا، وسط اتهامات من قبل قوى الأسايش لعناصر ضمن القوات الروسية بإعطاء إحداثيات للجانب التركي، الذي يصعد من الاستهدافات الجوية عبر الطائرات المسيرة التابعة له، خاصة مع وجود عناصر شيشانية وتترية ضمن القوات الروسية، مقربين من الأتراك.
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع