ببساتينها الخضراء، وخيراتها الخصبة، تربعت غوطة دمشق متباهية بما أنعم الله عليها فوق عرش الكبرياء، فلم يعرف أهلها الجوع قط، ولا الحرمان، بل خرجوا بثورة سلمية منذ البداية طالبوا بالعيش بحرية وكرامة، طالبوا بنظام عادل، لم يعلموا أن مطالبهم الحق ستجلب لهم الهلاك وتهلك معها الخيرات.
أطبق النظام الجائر بمساندة ميليشيا حزب الله حصاره على مدن وبلدات الغوطة الشرقية والغرببة منذ سنوات، ليستمتع بإذلال شعب لم يعرف الخنوع أو الانسياق يوما، ولم يكتف بخنقهم وحصارهم وحرمانهم من المواد الغذائية الأساسية، بل شن عليهم حملة عسكرية لإجبارهم على الركوع والاستسلام لمطالبه، لكن هيهات على شعب خرج ثائرا في وجه الظلم أن يخضع لهم وينفذ مبتغاهم، فشهدت مدن الغوطة مقاومة تنحني لها القامات وبالأخص مدينة داريا التي لقبت بمدينة البراميل من هول البراميل المتفجرة التي ألقيت فيها.
وبعد أن نجح النظام بسياسته الوحشية في تهجير أهالي بعض المدن والبلدات في الغوطة، عمل جاهدا أن يتابع سياسته في المدن المتبقية لتعود كامل الغوطة لسيطرته، مرتكبا بشكل يومي مجازر بحق المدنيين الذين لايكادون يجدون قوت يومهم.
ونتيجة لاستمرار الحصار الخانق، أطلق ناشطون وسوما لتذكير العالم بالمعاناة التي يعيشها الأهالي في تلك البقعة الجغرافية، ومن هذه الوسوم “350 ألف مدني محاصر في الغوطة من قوات الأسد”، ” أطفال الغوطة يموتون جوعا بسبب الحصار”، “أنقذوا المدنيين في الغوطة من حصار الأسد”.
لعل تلك الوسوم تصل للعالم المتفرج، والذي يستمتع بمشاهد القتل والدماء وتجويع الأطفال وحرمانهم من أبسط حقوقهم، ليباركوا للأسد ويصفقوا له على صنيعه، فقد اعتاد السوريون الذين خاضوا حياة الحرب وتأثروا بها، على صمت العالم وموقفه المخزي تجاه المجازر اليومية والتي ضحيتها أطفال ونساء ومدنيون ليس لهم ذنب سوى أنهم خلقوا في بلد لايقيم أي اعتبار للإنسان، ولا للإنسانية.
المركز الصحفي السوري_ سماح الخالد