نجح بشار الأسد في أن يضع الغرب، ومن ورائه العالم، أمام خيارين: الأسد أو داعش، ولأن الأسد لا يقتل غير السوريين بينما داعش يقتل الفرنسيين والأميركيين والبلجيكيين وغيرهم، عاد العالم إلى تقبل وجود الأسد ولو إلى حين، “إيلاف” حاورت في هذا الموضوع الباحث والمحلل السياسي الكويتي الدكتور عايد المناع.
– هل تعتقدون أن مسلمات العالم للحل في سوريا تغيرت؟ لماذا؟
نعم تغيرت مسلمات الحل في سوريا فلقد كانت والى ماقبل التدخل الروسي تتجه لإسقاط نظام الﻷسد بالقوة من خلال تسليح وتمويل القوى المقاتلة عسكريا” له والتي تتضمن العسكريين المنشقين عن جيش النظام أو مايعرف بالجيش السوري الحر ومجموعات إسلامية مثل جبهة النصرة وجيش الأسلام واحرار الشام وغيرها، لكن تمدد التنظيمات الأصولية مثل الدولة الأسلامية ( داعش ) وجبهة النصرة أدى إلى تباطئ الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية إلى منح المعارضة المسلحة المناوئة للنظام الأسدي مزيدا” من الدعم وذلك نتيجة لذهاب بعض هذا الدعم إلى القوى المتطرفة مثل النصرة وداعش.
لكن بالرغم من ذلك فأن أسقاط النظام بالقوة كان الأحتمال المرجح غير أن تدخل حلفاء النظام من أيرانيين ولبنانيين وعراقيين أخر حدوث هذا الأحتمال وجاء التدخل الروسي ليبعد هذا الأحتمال ويفرض واقعا” جديدا” وهو تقويم نظام الأسد وكذلك تقويم المعارضة المعتدلة. فالنظام أصبح في وضع عسكري ونفسي وسياسي أفضل يتيح له أن يتفاوض مع معارضيه من مركز قوة عسكرية وقوى المعارضة أدركت أن المراهنة على إرهاق النظام وتمهيدا” لاسقاطه أصبحت مراهنة غير واقعية وهذا وذاك عززا البحث عن مخرج سلمي لهذا الصراع الدموي.
– هل تبدل التمسك بالدولة السورية ووظائفها الأمنية والسياسية بحجة محاربة الإرهاب؟
الإنهيارات الأمنية التي شهدها كل من العراق وسوريا وقبل ذلك الصومال حتمت تجنب تكرار تلك المآسي في سوريا مما أقتضى التصريح علنا” بضرورة الإبقاء على مؤسسات الدولة وبالذات المؤسسات الخدمية والعسكرية لأن سقوطها في الأمثلة المشار إليها أدى إلى تغلغل القوى المتطرفة وإرتكابها لمذابح طائفية ( العراق ) وسياسيا” ( الصومال وليبيا ) وهو ماسيكون أسوئ لو سقط النظام السوري على قرار سقوط أنظمة بغداد وطرابلس ومقاديشوا إذ ستحدث مجازر للعلويين والدروز والإسماعيلين والمسيحيين وأعوان النظام جميعا”.
– هل ترى أن روسيا ضامن حقيقي لإجراء تغيير في سوريا، في أثناء الفترة الانتقالية أو بعدها، والضغط على مليشيات النظام وإيران للخروج من الميدان السوري؟
روسيا لم تتدخل لمصلحة تغيير النظام ولو على المدى البعيد ، وإنما تدخلت لضمان مصالحها في البحر الأبيض المتوسط من خلال قواعدها على الساحل السوري وأيضا” من أجل تنفيذ ضربات أستباقية لأعدائها الإسلاميين الروس وبالذات الشيشانيين الذين يمثلون نسبة لايستهان بها في صفوف جبهة النصرة وداعش والذين سبق لهم أن خاضوا معارك على نمط ما يجري في سوريا وغروزني ومناطق أخرى.
وروسيا الآن تناور لأخراج نظام الأسد من ورطته لعل وعسى أن يتمكن من أن يكون شريكا” فاعلا” في مفاوضات الحل السلمي وهي مفاوضات قد تطول وحينها تبرد حرارة الصراع وعندما تجرى الإنتخابات فأنه لا يستبعد تأهيل نظام الأسد للحكم بصورة ديمغراطية بشهادة دولية وحينها لن يكون من المجدى لا سياسيا” ولا قانونيا” الدعوة لأسقاطه طالما جاء برغبتة أغلبية السوريين وحينها أيضا” ستكون آلية صناديق الأقتراع هي الآلية السائدة.
ولن يكون هناك مبرر لوجود قوات غير سورية في الأراضي السورية.
– هل تتوافر النية الدولية اليوم لحل يحفظ السلوك الدولي في سوريا، بطائف على غرار الطائف اللبناني، بالرغم من أن هذا لم ينجح تمامًا؟
أعتقد أن المجتمع الدولي قد أدرك أن ثورات بلدان الشرق الأوسط تبدأ بمطالب ديمغراطية وتنتهي بتنضيمات دينية معادية للديمغراطية وأشد عداء للحوارية والفهم الغربي لحقوق الانسان وأيران والعراق وليبيا اليوم أمثلة على ذلك لذلك فأن الغرب بقيادة الولايات المتحدة والشرق بقيادة روسيا والصين ستبحث عن حل سياسي يتمثل في عقد مؤتمر جنيف ثالث.
بصرف النظر عن المكان ليكون طائف دولي لحل المشكلة السورية لكن هذا الطائف سيكون مقتصرا” على المراحل الأنتقالية وبعدها سيكون الإختيار حرا” للأغلبية.
– هل تضمن أميركا وأصدقاؤها، أو الأصدقاء المفترضون للشعب السوري، تثبيت القوى الوطنية المقبولة دوليًا لتكون شريكًا حقيقيًا في الحكم؟
تحاول الولايات المتحدة والدول الغربية ودول الخليج إيجاد قوة تفاوض سورية معارضة وهذا ما أدى الى انعقاد مؤتمر الرياض للمعارضة السورية والذي نجح في لم شمل مجموعة من القوى السياسية والمسلحة التي يمكن وصفها بأنها معتدلة ومقبولة دوليا” وخليجيا”.
هذه الموحدة للمعارضة ستتفاوض مع النظام بالإتفاق علة آلية جديدة تنهي وضع أكثر من 4 عقود من الحكم الأسدي وخمسة أعوام من الاحتراب الدموي لكن هذه القوى المعارضة المعتدلة ليس لها قوة عسكرية مماثلة للقوى المتطرفة وهذا ما يضعف موقفها التفاوضي لذلك فإن مواصلة القصف الجوي ضد داعش والنصرة سيؤدي الى تقويم الجيش السوري الحر وهنا عليه أن يكون للتفاوض مع النظام نتائج مثمرة.
– هل تضمن قوى دولية وإقليمية، تدعم مجموعات متشددة أو تستفيد من وجودها، عدم وصول هذه القوى المتطرفة إلى الحكم بحُسن استخدام ورقة تصنيف الإرهابيين؟
القوى التي تدعم القوى المتطرفة معروفة ومحددة وبدأ دعمها يتلاشى لأنها تعلم أن القوى المتطرفة تعادي الكل ولديها مشروع واضح وهو بسط نفوذها الديني على الكرة الأرضية لذلك لا جدوى من دعمها لأن ذلك خطر على المجتمع الإقليمي والدولي.
المحلل السياسي الدكتور عايد المناع ـ إيلاف