الغارديان: سُنة بغداد مستعدون لساعة الصفر
في أحد المقاهي المتداعية بشمال بغداد، تساءل شاب سني بصوت خافت: “لماذا توقف الثوار؟ لماذا وصلوا محافظة صلاح الدين وتوقفوا؟”. وأضاف بحسب غارديان البريطانية: “سيكون هذا سيئًا بالنسبة إلى سنة بغداد، فإذا حرروا الشمال وتركونا هنا سنكون تحت رحمة الميليشيات، عليهم الاستمرار وإلا ستكون نهايتنا”. تعبئة سنيةهذا الرجل مقاتل سني، شارك في آخر جولة من الحرب الأهلية، يؤكد أن الكثيرين من السنة مستعدون للمشاركة في الحرب مرة أخرى، “لكن المشكلة أنهم لم يشعروا بالخوف بعد، فإذا تم الاعتداء على اثنين من الشيعة امام الجميع، سترد الميليشيات الشيعية، وحينها سيهب الرجال السنة لحمل السلاح، وهكذا نبدأ التعبئة السنية”، بحسب ما نقلت عنه غارديان.وإذ كان الرجل يتكلم بهدوء، انحنى رجل سني عريض المنكبين نحو صديقه، وأكد له أن المسلحين انشاؤوا خلايا نائمة، تنتظر ساعة الصفر لنقل الحرب إلى قلب بغداد. وقال: “متى حانت ساعة الصفر، نبدأ حربنا باغتيال الجواسيس والعملاء، ففي الأحياء السنية العديد من الجواسيس والمخبرين، وعندما يسقط القادة تنهار صفوفهم”.
في صالح المعتدلينهذه هي حسابات بعض سنة بغداد، الذين همشهم رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي لسنوات طويلة. لكن المالكي اليوم يقف مذهولًا أمام التقدم المذهل الذي حققه المسلحون، الذين وصلوا إلى مبعدة ساعة واحدة عن بغداد.وبالنسبة إلى الكثير من المواطنين البغداديين السنة، يشكل تقدم المسلحين قلقًا بنكهة الأمل، إذ يأملون أن ينهك المسلحون المتشددون والشيعة بعضهم بعضًا، فهذا يصب في صالح سنة العراق المعتدلين.وحدهم أولئك الذين قاتلوا في السابق يرون في تقدم المسلحين فرصة تلوح
في الأفق. وساعدت فصائل سنية معادية للشيعة تقدم المسلحين، إذ خطط زعماء القبائل السنية، وأعضاء حزب البعث المحظور، وقدامى ضباط الجيش العراقي، والفصائل المتمردة على الحكومة، معًا منذ أشهر لإعلان الحرب على المالكي.
مستعدون لبدء المعركة وقال السني عريض المنكبين إن ضباط الجيش العراقي السابقين وأعضاء حزب البعث يلعبون دورًا أساس في المعركة. أضاف: “يحارب العديد من الفصائل تحت قيادة ضباط الجيش، والمسلحون المتشددون ليسوا وحدهم في ساحة القتال، لكن الشيعة يصرون على اعتبار الجميع مسلحين متشددين، ولا يريدون أن يروا الفرق.”وقال هامسًا: “اننا لا نخطو أي خطوة من دون أخذ الأوامر والأذونات من قيادة المجلس العسكري، وسنبدأ بتفعيل الخلايا النائمة عندما يدخل المسلحون حزام بغداد، فتسقط المناطق الواحدة تلو الأخرى، ونحن مستعدون لبدء المعركة الآن لكننا لم نتصرف الآن، فنحن نحسب كل خطوة بتمهل وروية”.أضاف: “المسلحون يمهدون الطريق لنا، ونحن سنتولى المسؤولية، رجالنا يسقطون المحافظات الآن، ونحن ننتظرهم”. ما برنامجكم!ونقلت غارديان عن سياسي سني مخضرم، وعضو في البرلمان العراقي، قوله إن السنة يتحالفون ثانيةً مع الشيطان، “وهذا سيؤدي إلى حرب سنية تعمها الفوضى وينخرها التقاتل”. أضاف: “أسأل السنة، ما هو برنامجكم؟ المالكي فاسد وجيشه طائفي، موافقون، لكن ما هو برنامجكم البديل؟ منطقة سنية؟ من سيحكمها؟ المسلحون؟ “ويتابع هذا النائب قائلًا: “مهما حدث، سنة العراق هم الخاسرون، ففي سوريا قد ينتصر السنة إذا نظفوا صفوفهم من الجهاديين الأجانب، لكن سنة العراق خاسرون مهما فعلوا، فهم أقلية بوجه الشيعة، والآن سمحوا لتدفق الجهاديين إلى مناطقهم”.ويختم لـ غارديان: “لن يتمكن السنة من تشكيل أي هيكل إداري قابل للحياة، لأنهم سينغمسون في التقاتل، إنهم بحاجة إلى العراق، لكنهم لا يستطيعون رؤية عراق لا يحكمونه، وفي الوقت نفسه لا المالكي ولا إيران هزيمتهم عسكريًا”.
يعاملون الجميع كعبيدفي الأراضي الزراعية الخصبة شمال بغداد، التقت غارديان أمير جماعة جهادية عراقية خاض معارك ضد الأميركيين، ثم انقلب وقاتل القاعدة، ليعود الآن إلى قتال الجيش العراقي.وقدم الأمير للصحيفة البريطانية مزيدًا من التفاصيل عن ترتيبات غير مستقرة مع المسلحين. قال: “في الكثير من المناطق الريفية، تولى رجال القبائل المحلية ملء الفراغ الذي تركه انسحاب القوات الحكومية، ما خلق مواجهات وتوترا مع المسلحين”.أضاف: “هناك العديد من الفصائل التي تقاتل على الأرض، وكلها تتعاون الآن، لكن نخشى أن يفرض المسلحون الطارئون سيطرتهم هناك، وأن يعاملوا الجميع كعبيد، ونحن في نهاية المطاف واقعين بين مطرقة الحكومة الشيعية وسندان المسلحين، ونخشى العودة إلى الاقتتال الداخلي”. نحو الحرب الطائفيةوقال الامير إنه حاول مع فصائل عراقية أخرى احتواء المسلحين بالاعتماد على القبائل، “فرحبت القبائل وقالت تأتون وتعملون في الإطار القبلي ولكن لا يأتي أحد إلينا ويقول لنا ما يجب أن نفعله”.اضاف: “سوريا مختلفة عن العراق، ونحن نعرف معنى الاقتتال الداخلي، فقد ارتكبنا اخطاءً فادحة في العامين 2006 و2007، والقتال مصير خطيرة نخاف منه جميعًا”.وتابع الأمير بخجل مستغرب: “لن يسمحوا لأحد بحمل السلاح، وليس لدي ما يكفي من الأسلحة الآن لمحاربتهم أو حتى لمقاومتهم، إنهم يحاولون الوصول إلى حزام بغداد، هذا هو المكان الذي نريد أن نصل إليه، والأمور تتجه إلى حرب طائفية، هذا مؤكد”.