نشرت صحيفة “الغارديان” مقالا باسم مجهول قال فيه: “أعمل في المجال الطبي بسوريا حيث تتكشف أزمة لا يتم الإبلاغ عنها من كوفيد-19“.
وقال: “أنا من جنود الخطوط الأمامية في النظام الصحي وأعمل في مستشفى كبير في سوريا. ويواجه البلد عددا كبيرا من الحالات التي لا يتم الإبلاغ عنها بين السكان الذين حطمهم عقد تقريبا من النزاع والاضطراب الاقتصادي، وأشعر مع زملائي بالعجز ونتوقع الأسوأ”.
وأضاف أن الممرضين والأطباء يعانون من نقص خطير في المعدات الطبية وأجهزة الحماية الشخصية ومعدات الفحص. و”تعاني المستشفيات في دمشق وحمص وحلب وبقية المدن من ازدحام شديد ونقص في المعدات البسيطة للتعامل مع وباء ينتشر بقاعدة واسعة وبسبب الحرب الطويلة والتخطيط الفقير وسوء الإدارة”.
ومضى قائلا: “زاد عدد المصابين والموتى بسبب فيروس كورونا بشكل مطرد وأكثر من الأرقام التي تنشرها الحكومة السورية أو منظمة الصحة العالمية”. وبحسب الأرقام الرسمية حتى 16 آب/أغسطس بلغ عدد حالات الإصابة بالفيروس 1.593 حالة و60 وفاة.
و”لا أحد منا يعتقد أن هذه الأرقام دقيقة”. ويقدر مسؤول الصحة لمنطقة دمشق عدد الإصابات بكوفيد بحوالي 112.500 حالة قي دمشق وحدها و”لدينا مئات من حالات مرتبطة بكوفيد غير مؤكدة كل يوم، ولم يعد لدى مستشفيات حلب أكياس للف الموتى” و”في كل يوم تزداد قائمة عمال الصحة الذين يموتون بسبب الفيروس، وطلب منا شراء الملابس الواقية”.
وقال: “نقوم بمعالجة المرضى في غرف وسخة بدون أدوية كافية ومعدات قليلة لحماية أنفسنا. وتعمل مستشفياتنا فوق طاقتها، تمتلئ فيها الأسرة بالمرضى وتستخدم فيها كل أجهزة التنفس. ونحن من تقع عليهم مسؤولية المهمة التي تحطم القلب وهي عدم إدخال المرضى لأننا لا نملك ما نقدمه لهم من مساعدة، وكأطباء فهذا هو أسوأ كابوس”. وتحدث الكاتب عن مخاوف المسعفين وعمال الصحة من الحديث أو التعبير علنا عن مواقفهم خاصة أن المرافقين الحكوميين يراقبون ما يقولونه ويكتبونه على منصات التواصل الاجتماعي و”نخاف جدا من التشارك فيما بيننا بمعلومات انتشار المرض وعلاجه. فنحن نخاف من الوباء ومن تداعيات حديثنا العلني عنه”.
ويفضل اليوم معظم المرضى ممن ظهرت عليهم أعراض الإصابة البقاء في بيوتهم بدلا من البحث عن العلاج. ويحاول الناس البحث بأنفسهم عن طرق لشراء الأوكسجين والمنافس أو الانتظار على أمل تحسن صحتهم و”نشاهد المرضى نائمين في الشوارع يصرخون من أجل المساعدة”. ولا يتم توفير الفحص يوميا إلا لـ 300 شخص وفي خمسة مراكز تابعة للحكومة.
وكما هو الحال في سوريا فمن لديهم واسطة في الحكومة ويملكون المال فمن السهل عليهم الدخول إلى مراكز الفحص وأكثر من الناس العاديين الفقراء الذين ليست لديهم معارف داخل الحكومة. وقال إنه تم إلغاء الإغلاق الأول بدون تقديم سبب مما أرسل رسالة غير صحيحة للرأي العام. وفوق كل هذا فشراء الأقنعة مكلف ولا يلتزم الناس بالتباعد الاجتماعي وارتداء الأقنعة.
ولم يكن لدى الناس أي خيار إلا فتح محلاتهم التجارية والعودة للعمل مما زاد من انتشار الفيروس. ولم يكن أمام عمال الصحة إلا مناشدة ضمير العالم مرة أخرى، “وأطلب من الحكومة ومنظمة الصحة العالمية أن تلتزما بالشفافية ونحن بحاجة للكشف عن مدى الإصابات الحقيقية بكوفيد- 19 في بلدنا. وإخفاء الرقم الحقيقي للإصابات والوفيات سيؤدي إلى خسائر أخرى في الحياة”.
وناشد الكاتب المجهول المجتمع الدولي ووكالات الأمم المتحدة لاتخاذ الإجراءات العاجلة لدعم المستشفيات والمنظمات المحلية والنظام الصحي من خلال توفير قدرات إضافية للفحص وأجهزة وقاية ومعدات فحص ومعدات طبية وأجهزة أوكسجين ومنافس. ويفهم أن المساعدات الطبية معفاة من العقوبات الدولية المفروضة على بلاده. وحث الأمم المتحدة ووكالاتها والسلطات الصحية في بلاده لتوزيع الإمدادات الطبية التي تنقذ الأرواح بعدل وعدم تأخير وصولها. وختم قائلا: “تقف سوريا على حافة كارثة غير مسبوقة ويجب على من هم بالسلطة الاستماع قبل فوات الأوان”.
نقلا عن القدس العربي