تجد أسفل كل فيديو للمعتقلين المفرج عنهم حديثاً من سجون النظام عشرات التعليقات المناشدة بالوصول لنبأ عن ذويهم المعتقلين منذ سنوات، وما يبرد جمر قلوبهم طامعين بأن يكون اسم فقيدهم بين تلك الأسماء.
منذ أن أصدر رأس النظام السوري العفو الرئاسي قبيل عيد الفطر وبدأ السوريون يحلمون بأن يخرج أبناؤهم المعتقلون من السجون ليتجمهر مئات الناس في ساحة جسر الرئيس في العاصمة دمشق وفي مدينة صيدنايا التي تضم سجن صيدنايا سيئ الصيت، وهنا ظهرت مدى حرقة قلوب الناس حول وضع أبنائهم المبهم ومصيرهم المجهول.
بعد أن بدأت ملامح الإفراج عن المعتقلين خلال الثورة السورية تلمح بالأفق ، عاد الأمل في نفوس ذوي المعتقلين ، خاصةً مع تداول أنباء وصور تتحدث عن خروج معتقلين قضوا في السجن أكثر من عشر سنوات ، لكن النظام سرعان ما توقف عن الإفراج على تلك الفئات كونها باتت فضيحةً بحقه تظهر حجم التعذيب والتعب الذي تعرض له أولئك المعتقلون.
واليوم بحسب مواقع صحفية في مناطق النظام منها جريدة الوطن والصفحات الرسمية للمحافظات على فيسبوك أفرج عن معتقلين في حلب وحماة واللاذقية وطرطوس والقنيطرة، وذلك بموجب العفو الرئاسي الأخير الذي أصدره رأس النظام.
وفي درعا كشف تجمع أحرار حوران عن أن المعتقلين المفرج عنهم أمس الخميس 5 أيار/مايو هم من أصحاب الجنايات والمتخلفين عن الخدمة وأصحاب التسويات مع النظام، وجميعهم اعتقلوا بعد منتصف عام 2018، الأمر الذي يؤكده ناشطون كثر بأن الإفراج عن المعتقلين تحول من إفراج عن معتقلي الثورة إلى تلميع لصورة النظام.
في سياق متصل، استبعد “محمد منير الفقير” منسق رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا في حديث “للشرق” أن يكشف النظام عن عدد المعتقلين المفرج عنهم في العفو الرئاسي الأخير، معتبراً أن العدد الذي سيصرح عنه سيحمله مسؤولية أرواح المغيبين قسراً، لذلك يلجأ للتستر على جرائمه المرتكبة في المعتقلات بمراسيم عفو غامضة.
ذوو المعتقلين يبحثون عن فسحة أمل
تفتش أم محمد كالكثير من ذوي المعتقلين عن أي خبر يصلها بزوجها المفقود في معتقلات النظام منذ ثمان سنوات، بعدما اعتقلته قوات النظام أثناء رجوعه من العمل في لبنان ليأمن لقمة عيش لأولاده الثلاثة وزوجته، ومنذ ذلك الحين يعيش الأولاد مع الأم في حسرة وشوق كبير للقاء أبي محمد.
انبعث الأمل مجدداً في قلب أم محمد وأولادها بعد الأنباء عن خروج معتقلين جدد، وتقول “أقضي معظم وقتي في غرف الأخبار وصفحات الفيس بوك، وكلما رأيت منشوراً أضع تعليقاً فيه أبحث عن زوجي وأناشد بالمساعدة، كما نفند كل قائمة أسماء تنشر بحثاً عن اسم له”
صعوبات كبيرة واجهت العائلة بعيداً عن والدهم، فالحياة بعد ثمان سنوات اختلفت كثيراً وليست الأسرة نفسها التي تركها أبو محمد، وتقول زوجته “عانيت كثيراً في تربية الأولاد وتأمين حياة كريمة لهم، ولم تكل محاولاتي في البحث عن زوجي والتواصل مع محامين وسماسرة للكشف عن مكانه، لكن معظمهم كانوا يتعاملون بالنصب، ويطلبون مبالغ طائلة تفوق قدراتي”.
واليوم عبر منصات التواصل الاجتماعي نجد ضجةً كبيرة ومساعٍ كثيرة للبحث عن المعتقلين، وبدأت الصفحات الخاصة بكل قرية على الفيسبوك بنشر وتوثيق معتقليها بالصورة والاسم وتاريخ الاعتقال، ويترك ذوي كل معتقل بياناته وصوره على الانترنت لعل وعسى أن يراه أحد الخارجين حديثاً ويبلغهم عن نبأ عنه.
تقرير خبري بقلم: إبراهيم الخطيب
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع