المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 28/5/2015
تسببت الأزمة الحالية التي تعصف في سوريا منذ أكثر من أربع سنوات، من نقص كبير في المياه بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت بشبكة المياه في البلاد، نتيجة القصف التي تتعرض لها المدن والقرى السورية من قبل النظام السوري، الذي دمر الحجر والبشر والبنية التحتية في البلاد.
اتبع النظام السوري منذ اليوم الأول لانتفاضة الشعب السوري ضده النهج التدميري، وقام بتدمير البنية التحتية في سوريا، فتوقفت الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وغيرها من المؤسسات، ما زاد من معاناة الناس الذين يعيشون أصلاً في ظروف صعبة، وخاصة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، والتي تتعرض لقصف متواصل من قوات النظام وطيرانه.
يقول “أبو أحمد” موظف في شركة المياه بريف إدلب الجنوبي: “إن عمليات القصف والتخريب التي يقوم بها النظام السوري، أدت إلى توقف شبكة المياه عن العمل، بالإضافة إلى توقف عمل المضخات بسبب الانقطاع المتواصل في الكهرباء، الأمر الذي أدى إلى انقطاع تام لمياه الشرب، وللتغلب على هذه المشكلة يجب صيانة شبكات المياه بالإضافة إلى تأمين مضخات ذات كفاءات جيدة وتأمين الوقود “الديزل” اللازم لتشغيلها، وتأمين قطع الغيار الميكانيكية والكهربائية التي تحتاجها المضخة”.
مع توقف عمليات الضخ في شبكات المياه، يضطر الأهالي إلى شراء صهاريج (خزانات) المياه من البائعين الذين يملكون آبار جوفية، والذين يستغلون حاجة السكان للمياه التي ليس من الممكن الاستغناء عنها، كونها أساس الحياة فوصل سعر خزان المياه إلى قرابة 1500 ليرة سورية في بعض المناطق، وتبلغ سعة خزان الماء قرابة 4000 ليتر، ومع موجة الغلاء وارتفاع الأسعار نتيجة الحرب والحصار، وانخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار وانعدام الدخل، بات الكثير من الأسر الفقيرة ليس بوسعهم تحمل نفقات المياه.
“الحاج يوسف” من قرية صغيرة بريف إدلب الجنوبي، ولديه سبعة أطفال وزوجة، يقول: لقد أصبح للمياه مصروف آخر لم يكن بالحسبان، فنحن نستهلك أربعة خزانات في الشهر وقيمة الخزان الواحد 1200 ليرة سورية، أي أحتاج شهرياً مبلغ 4800 ليرة أقل تقدير ثمن للماء، عدا عن ذلك لهيب أسعار المواد الغذائية والخضراوات يكاد يحرقنا.
في فصل الشتاء نرتاح من مصروف الماء حيث نعتمد على جمع المياه من الأمطار، أما الآن مع حلول فصل الصيف فنحن مجبورين لشراء الماء ولقد أصبح هذا الأمر فوق طاقتنا.
بعض المناطق السورية القريبة من الأنهار والسدود هي أفضل حالاً، من المناطق البعيدة عن هذه السدود، حيث تشكل السدود حجر الزاوية في منظومة المياه في سورية، ويبلغ عدد السدود المستثمرة 161 بتخزين إجمالي نحو 19 مليار م3، وأكبرها سد الفرات بتخزين 14 مليار م3، وتستثمر السدود لأغراض توليد الطاقة ولمياه الشرب ولدرء الفيضانات ولأغراض الري، وهي تسهم بشكل فعال في منظومة الأمن الغذائي.
وهنا يظهر التحدي الأكبر أمام المعارضة السورية، وعلى رأسها الحكومة السورية المؤقتة والائتلاف الوطني، في تأمين الصيانة العامة والتصليحات العاجلة لشبكات المياه، وتأمين قطع الغيار الميكانيكية والكهربائية التي تحتاجها مضخات المياه في المناطق الخاضعة لسيطرتها، للحفاظ على توفر المياه الآمنة الصالحة للشرب، ويطالب أهالي المناطق المحررة التي تخضع لسيطرة المعارضة، بتعبئة خزانات المياه بأسعار زهيدة بهدف التخفيف من وطأة معاناة الأهالي.
إن مسألة ترشيد استهلاك المياه أصبحت حاجة ملحة نظراً لمحدودية مصادر المياه، فيجب على هذه الجهات المعارضة إقامة الندوات والمؤتمرات، التي تهدف إلى توعية الأهالي لترشيد استهلاك المياه وتوفيرها للحفاظ على المخزون الجوفي والسطحي الاستراتيجي لديمومة مختلف مصادر المياه.