الطرف الرابح من إبادة غزة
لا رابح من إبادة غزة وضياع حقوق الشعب الفلسطيني إلا تلك الأصابع الشريرة التي تتحكم بخيوط اللعبة من خارج الميدان إذ تحقق لها محرقة الجحيم في غزة مكاسب لا يمكن لها تحقيقها بأي مسار كان، وهنا يوجد رابحون ثلاثة أصروا على وقوع محرقة الجحيم في غزة وهم نظام الملالي الممهد المختبئ وراء الشعارات، والغرب والأمريكان الذين أصروا على المحرقة وقتل الأطفال، ولكل طرف من الأطراف الثلاثة مصلحة في ذلك، فالملالي الممهدون للمحرقة الإبادية خبراء أيضًا في جرائم الإبادة الجماعية وسجلهم في إيران والعراق وسوريا واليمن حافلٌ بذلك ومصلحته هنا كالعادة خلق أزمة أو المساهمة في خلقها لكسب الوقت وأبعاد الأنظار عن أنفسهم عن قمعهم للمتظاهرين وانتهاكاتهم السافرة لحقوق الإنسان وقتل الأطفال، وعن برنامجهم النووي وأنشطتهم المريبة في العراق وسوريا واليمن، وتشمل هذه الأنشطة تجارة وترويج المخدرات وانشغال العالم عن جرائم الملالي أو غض البصر عنهم هو بمثابة عمر إضافي جديد لهم، أما مصلحة والأمريكان فتكمن في مواجهة مخاوفهم من فقدان موضع أقدامهم في الشرق الأوسط وهيمنة الصين وروسيا وظهور معادلة سياسية عالمية جديدة لا تكون فيه أمريكا والغرب القطب الأوحد، وهنا تحتاج أمريكا والغرب إلى أسباب تمنحهم حق ومبررات القدوم بجحافل قواتهم إلى المنطقة، ولا يمكن التسليم بأن قدوم غواصة نووية إلى المنطقة من أجل المعارك في غزة وإنما لأجل مواجهة دولية كبرى والتمهيد لمساومات بعد الفشل في أوكرانيا، وإن تمركزت هذه الغواصة في منطقة الخليج سيكون لذلك تفسيرات أخرى أوسع، وعلى الروس والصينيين أن يفيقوا من خديعة الملالي وستتكشف الأسرار سريعًا واحدًا تلو الآخر.
حرب غزة تمدد عمر نظام الملالي، وتكرس الوجود العسكري الغربي في المنطقة
إن الحرب على غزة عدوان آثم وإبادة للإنسانية؛ أسس لها ملالي طهران بارتجالية عبثية وغير مسؤولة، ولا يوجد طرف استفاد منها بقدر استفادة نظام الملالي الحاكم في إيران، إذ أنها تساهم في إطالة عمر النظام الإيراني وتعزيز الوجود العسكري الغربي بالمنطقة، ويشير بعض الخبراء إلى أن إيران تدفع وكلائها في المنطقة لتوسيع نطاق الحرب، والحقيقة هي أن الحرب الإبادية ضد غزة سوف تؤثر على استراتيجية ملالي إيران الإقليمية وعلاقاتهم مع الغرب.
وفيما يلي بعض النقاط الرئيسية التي يجب مراعاتها:
• دعم ملالي إيران لحركة حماس وغيرها من الجماعات المسلحة في المنطقة، لكن من غير الواضح إلى أي مدى وصل الدعم في العمليات العسكرية الجارية خاصة بعد أن غدر الملالي وحزب الله وباقي ميليشيات الملالي بحماس وخذلوهم متواطئين مع الغرب وفق تدبير تشهد المنطقة جزئياته يومًا بعد يوم.
• تشير بعض التقارير إلى أن ملالي إيران يقومون بتجنيد متطوعين للقتال في غزة، والحقيقة هي أن تلك الأمور لا تتخطى الدعاية من أجل التصعيد وخدمة التحركات الغربية، فقد سبق أن روج الملالي داخل إيران إلى تطوع قرابة خمسة ملايين مقاتل من أجل القتال في غزة وتلك أعداد مبالغٌ فيها جدًّا ولن يتطوع مواطن إيراني واحد من خارج الحرس والبسيج للقتال في هكذا معارك، ولم يذهب أحد إلى القتال في غزة، واكتفى الملالي بالخديعة والفتنة وبعض استعراضات الموالين لهم هنا وهناك مطالبون بفتح حدود الأردن على افتراض أنه لا توجد قوات لهم في سوريا ولبنان.
• الانتباه إلى السيناريوهات المتفق عليها مسبقًا والتي فضحها الرئيس ترامب القائمة بين الملالي وأمريكا مثل تحذير الملالي لأمريكا وإسرائيل من مواصلة الحرب في غزة، وإطلاق صواريخ متفق عليها وتتساقط بعيدًا عن أهدافها وإن سقطت تسقط على غير الأمريكان، وكل ذلك في إطار الاستعراض واللعب على مشاعر السذج والخاوية، وكذلك شكل من أشكال إدارة الصراع.
نظام الملالي يتسبب في التدخل العسكري الغربي في المنطقة
وفر نظام الملالي للغرب أسباب التدخل العسكري الفج بالمنطقة وتوسيع رقعة الصراع العالمية مع الروس والصينيين مما سمح بتواجد قطعات حربية أمريكية عملاقة في شرق المتوسط وفي بحر العرب وخليج عُمان ومنطقة الخليج برمتها.
يتفق العديد من الخبراء على أن نظام الملالي في إيران لعب دورًا مهمًّا في زيادة التوتر في المنطقة وتوسيع رقعة الصراع العالمي مع الروس والصينيين، ويستند هذا الرأي إلى عدة عوامل منها:
• دعم نظام الملالي لمجموعات ميليشياوية في المنطقة إذ يدعم ما يسمى بـ الحرس الثوري مجموعات ميليشياوية في عدة دول بالمنطقة من بينها سوريا ولبنان والعراق واليمن، ويدعي الغرب أن هذه الميليشيات تهدد أمن الدول الإقليمية ومصالح الغرب وعليه وجب تدخله في حين كان الغرب يقاتل بجانب بعض هذه الميليشيات ويدعم وجودها؟
• سعي نظام الملالي إلى تطوير برنامج نووي عسكري، وهو ما يشكل تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي لكن الغرب سيغض البصر عنه ويمنح الملالي مزيدًا من الوقت لقمع شعبهم ومعارضيهم وتنظيم ما يحتاجونه في برنامجهم النووي لقاء ما يقدمونه من خدمات جليلة للغرب في المنطقة.
• يتمتع نظام الملالي في إيران بعلاقات وثيقة مع روسيا والصين، وهو عضو في مجموعة شنغهاي للتعاون، وهي منظمة دولية تهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الآسيوية، ويدعي الغرب أن هذه العلاقات تهدد مصالحه في المنطقة وتبرر توجهاته المضادة علمًا بوجود شبهة في علاقة الملالي بكلا الطرفين.
ويرى بعض الخبراء أن نظام الملالي يسعى إلى زيادة التوتر في المنطقة وتوسيع رقعة الصراع العالمي، وذلك من أجل تعزيز نفوذه ومصالحه، ويعتقد هؤلاء الخبراء أن نظام الملالي يعتقد أن الاضطرابات في المنطقة ستؤدي إلى إضعاف القوى الغربية لكن الأمر على العكس من ذلك تمامًا لأن ذلك لن يُضعف سوى العرب وبالتالي سيتيح ذلك للملالي التوسع في نفوذهم كما سيخدم القوى الغربية أيضًا بشكل أو بآخر.
وعلى الرغم من أن نظام الملالي يلعب دورًا مهمًّا في زيادة التوتر في المنطقة إلا أن هناك عوامل أخرى ساهمت في ذلك مثل التدخل العسكري الأمريكي في المنطقة ودعم الغرب لسلطات الاحتلال في فلسطين.
الحرب على غزة وقتل المدنيين الأبرياء يفضح تواطؤ النظام الإيراني مع الغرب
فضحت الحرب الإبادية على غزة وقتل المدنيين الأبرياء أطفالًا ونساء وشيوخًا وكذلك دفاع الغرب عن الملالي مدى تواطؤ الملالي والغرب معًا متآمرين على منطقة الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية.
فضحت الحرب الإبادية على غزة مدى زيف شعارات الملالي في إيران وزيف شعارات وادعاءات ذيولهم في العراق واليمن ولبنان وسوريا، ونحمد الله على ذلك كي تتكشف صور حقيقة نظام الملالي للعرب جميعًا وقد فضحتهم أقوالهم وأفعالهم، وفضحهم الغرب الذي يدعمهم منذ أن وصلوا لسدة الحكم.
بالطبع لا يأبه الغرب بإطلاقات صبيان الملالي في العراق ولبنان ذلك لأنها سيناريوهات متفقٌ عليها لأجل توفير الذرائع والأسباب، وقد فضحهم الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب إذ يقول ما مفاده عندما يشعر الملالي بالحرج والمساس الشديد بكرامتهم يتصلون بنا ويبلغونا أنهم سيقصفوننا وذات مرة اتصلوا بنا وقالوا سنقصفكم بـ 18 صاروخًا وانتظرنا ذلك وسقطت الصواريخ بعضها حول الموقع وبعضها تفجر في الجو وإحداها أصاب الموقع دون أضرار..ويقولون إنها مسألة كرامة.. وكلام ترامب مصدق.
انشغل العالم بعيدًا عن شرور نظام الملالي وبرنامجه النووي والتسليحي وانتهاكاته لحقوق الإنسان وتسميم الأطفال من جديد، وبذلك حصل هذا النظام على الوقت الذي يحتاجه والصمت المعهود من الغرب والآن بشكل أكبر حيث ينشغل الغرب اليوم في مشروع إبادة الشعب الفلسطيني وإنهاء ملف قضيته المشروعة.
الغرب مشغول اليوم بمشروع إبادة الشعب الفلسطيني
تعتبر القضية الفلسطينية من أكثر القضايا العادلة التي طال أمدها ولا يتم حلها عمدًا بسبب دعم الغرب لسلطات الاحتلال في فلسطين العربية، واستخدم الغرب مؤسساته الدولية في المماطلة وتعطيل ملفات القضية الفلسطينية، وقد تفاقمت الأوضاع في الفترة الأخيرة بسبب الحرب الإبادية الجارية على غزة، وكذلك ما يجري في الضفة الغربية من قمع وقتل وتشريد وتجاوزات على أيدي سلطات الاحتلال وعصابات المستوطنين، وهنا يبدو أن الغرب مشغول اليوم بمشروع إبادة الشعب الفلسطيني أكثر من اهتمامه بحل قضيته في السابق ويكرس كل جهوده وقدراته لخدمة هذه الحرب الإبادية، مستغلًّا في ذلك الانقسام الفلسطيني بسبب فتنة ملالي طهران ودورهم الهدام بالمنطقة، ولو كان هناك عدالة وشرعية وقيم وقوانين دولية لألزمت المُحتلين بوقف حملاتهم الإبادية على الفلسطينيين وأوجدت حلًّا فوريًّا عادلًا للقضية الفلسطينية ، ولكن شتان ما بين ردود أفعال المجتمع التحتي عندما تكون القضايا ليست من أولوياته كما رأينا في تعامل الغرب مع نظام الملالي وتغاضيه عن جرائمه، وفي تعامله بجدية وفعالية كبيرة في قضية أوكرانيا وليدة الأمس، وحدث 7 أكتوبر عملية نظام الملالي المسماة بـ طوفان الأقصى، والقضية الفلسطينية المشروعة التي عمرها أكثر من 75 سنة من المعاناة والقتل والسجن والقمع والتشريد دون جدوى إلى اليوم.
يفعل الملالي وجنودهم بالمنطقة اليوم ما يحلو لهم، ورغم أنه من المفترض أن ينشغل العرب في قضيتهم المركزية قضية فلسسطين لازالت عصابات نظام الملالي تُشغلهم في التصدي لتدخلات الملالي في الشؤون الداخلية العربية، وفي مكافحة جرائم تهريب المخدرات إلى داخل الأردن وباقي الدول العربية، وتفتيت سوريا والعراق، ولازالت صواريخ الحوثيين تهدد العرب بحسب تصريح أحد عناصر حرس الملالي، ولازالت تصريحاتهم مخزية منزوعة المروءة عديمة الصدق.
د . سامي خاطر / أكاديمي وأستاذ جامعي