يحبس العالم أنفاسه اليوم بانتظار ما سيخرج من صناديق الاقتراع الاميركية بعد حملة انتخابية تميزت بحدتها وبخروجها عن المألوف والتقليدي، اذ تنافست فيها هيلاري كلينتون على أمل أن تصبح اول سيدة في منصب الرئاسة، في وجه دونالد ترامب الآتي من عالم الأعمال والذي اعتبر أن وصوله الى البيت الابيض سيكون «انهاء لفساد واشنطن».
وسيكون لنتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية أثرها الواسع على مناطق كثيرة من العالم، وعلى العلاقات الاميركية الروسية وسياسات واشنطن في الشرق الاوسط. وبينما اعتبرت هيلاري كلينتون ان سياستها ستمثل استمراراً لعهد باراك اوباما، لم يوفر ترامب الرئيس الحالي من انتقاداته، كما تميزت تصريحاته بالاشادة بمواقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وتجاوزت تكاليف المعركة الانتخابية 700 مليون دولار، وتسود توقعات بنسب إقبال قياسية للناخبين في أنحاء البلاد، نتجت من سخونة الحملة.
ويرى مراقبون أن أميركا تواجه اقتراعاً مصيرياً قد يغير مستقبلها السياسي وتوازناتها الاجتماعية، وسط انقسامات ملحوظة، على خطوط عنصرية وطبقية، من المرجح أن تُحدث تقلبات في الخريطة الانتخابية التقليدية.
وستبدأ عملية الاقتراع اعتباراً من منتصف الليل في أميركا (صباح اليوم بتوقيت غرينيتش) في ثلاث بلدات في نيو هامبشير، ويلي ذلك بساعات بدء التصويت في سائر أنحاء البلاد ووسطها وصولاً إلى الشاطئ الغربي، أي في 50 ولاية أميركية يستهدف كل من المرشحَين جمع 270 صوتاً من أصوات كلياتها الانتخابية ليفوز بلقب الرئيس الـ45 للولايات المتحدة.
ومع إغلاق معظم صناديق الاقتراع في الثامنة مساء بالتوقيت المحلي، تبرز احتمالات ظهور نتائج حاسمة قبل منتصف ليل الثلثاء– الاربعاء (فجر غد بتوقيت غرينيتش) في حال حقق أي من المرشحين مكاسب كبيرة في الساحل الشرقي تضمن له الاحتفال بالفوز مبكراً.
وعكست مؤشرات أولية عشية التصويت، صعوبة ترجيح فوز أي من المرشحين، خصوصاً مع تقاربهما في نتائج الاستطلاعات، وتوقع إقبال كثيف جداً للناخبين الذين قد يتجاوز عددهم الـ١٢٥ مليون أميركي، وهو تعداد غير مسبوق وأكبر من عدد الذين صوتوا في آخر انتخابات في العام 2012. وعزز هذا التوجه إقبال ضخم رافق الاقتراع المبكر وذلك بتصويت 43 مليون أميركي في 37 ولاية. وتزيد هذه النسبة بعشرة ملايين عن العام 2012.
ويسجل الإقبال ارتفاعاً ملحوظاً، خصوصا في أوساط الأقلية اللاتينية- الأميركية والتي قد يعود إليها تقرير اسم الرئيس المقبل نظراً إلى ثقلها وقدرتها على الحسم في ولايتي فلوريدا ونيفادا المهمتين.
وعكست أرقام التصويت المبكر في فلوريدا ارتفاع الإقبال بين الأميركيين من أصل لاتيني إلى 15.3 في المئة، أي قفزة بنسبة 7 في المئة عما كان عليه في العام 2012.
وتقدم الديموقراطيون في الاقتراع المبكر بما يعادل 88 ألف صوت، فيما رجح المراقب الجمهوري ريك تايلر أن تحسم الأقلية اللاتينية الأميركية ولايةَ «الشمس المشرقة» فلوريدا لمصلحة كلينتون، ما قد يقطع الطريق أمام ترامب في مرحلة مبكرة من التصويت.
الا أن الخريطة الانتخابية بدت متقلبة أمس، على رغم تقدم كلينتون في كل الاستطلاعات الوطنية (فوكس وأن بي سي وأي بي سي وبلومبرغ) بنسب تراوح بين نقطتين و6 نقاط. وتهاوت خطوط التماس الانتخابية التقليدية في ولايات «زرقاء» و «حمراء» تقليدياً، مع ارتفاع حظوظ ترامب واحتمال تسجيله مفاجأة في ولايتي ميتشيغان أو نيو هامبشير على رغم ميول ناخبيهما تاريخياً إلى الديموقراطيين. وفي المقابل، احتمال اختراق كلينتون «الجدار الأحمر» الجمهوري في أريزونا وجورجيا.
وأتت هذه الضبابية في رصد تصويت الولايات، نتيجة فوارق اقتصادية وعرقية، من بينها قلق كبير للطبقة العاملة في ميتشيغان وأوهايو ساعد في ارتفاع حظوظ ترامب، في مقابل مخاوف الأقليات من فوزه التي تعزز حظوظ كلينتون في الولايات حيث الحضور الكثيف للأقليات. واعتبر المراقب في ولاية نيفادا جون رالستون، أن كلينتون قد تكون حسمت الفوز فيها قبل الاقتراع وبسبب الهامش الكبير في التصويت المبكر للديموقراطيين (تقدم بـ71 ألف صوت).
ويرجح أن يكون لفلوريدا الثقل الأكبر في حسم السباق، وهنا تستفيد كلينتون، في حين أن أي مفاجأة من العيار الثقيل يحققها ترامب في ولايات زرقاء تقليدية مثل ويسكونسن وميتشيغان ونيو هامبشير وبنسلفانيا، قد تحدث زلزالاً انتخابياً يوصله إلى البيت الأبيض ليل الثلاثاء.
الحياة اللندنية