استقبل السوريون في مخيمات اللجوء في لبنان عامهم الجديد بالعاصفة الثلجية “فلاديمير” لتزداد معاناتهم و أوجاعهم، فمن قسوة الحياة لقسوة الشتاء و العواصف و الثلوج .
اختارت العاصفة ” فلاديمير” البقاع اللبناني و بلدة عرسال الحدودية لتستقر بها و تثقل كاهل اللاجئين السوريين الذين أضنتهم الحرب في بلادهم ليفروا منها بحثا عن الأمان الضائع.
بدأت فلاديمير رحلتها يوم الخميس و اشتدت في المساء ليجد السوريون خيامهم في الصباح مغطاة بالثلوج، فقد وصل ارتفاع الثلج ل 35 سم في وادي عطا ووادي الحصن مما سبب انقطاعا في خدمات الاتصال فضلا عن قطع الطرقات بسبب تشكل الجليد.
و كانت بلدة عرسال ضحية العاصفة الكبرى و بسبب تراكم الثلوج في الطرقات عزلت عن باقي المناطق اللبنانية بشكل كامل، مما منع إدخال المواد الغذائية ولاسيما الخبز بالإضافة لمنع دخول المنظمات الإغاثية لمساعدة اللاجئين في مآسيهم.
تتحدث أم عامر عن معاناتها في المخيم:” أولادي تجمدوا من البرد و كمية المازوت التي وزعت إلينا لا تكفي لتشغيل المدفأة أكثر من سبع ساعات، فالموت يلاحقنا أينما ذهبنا، إن لم نمت من القصف سنموت من البرد”.
يعيش السوريون حالة من الذعر و الهلع على أبنائهم خوفا أن تسرقهم العاصفة و تخطف طفولتهم، فقد بلغت حالة الوفيات الشتاء الماضي في المخيمات 37 حالة معظمهم أطفال نتيجة العاصفة زينة التي اقتلعت خيامهم و شردتهم من جديد.
و كخطوة لحماية الخيام من البرد قام الهلال الأحمر القطري على تركيب عوازل اسفنجية لجدران وأسقف الخيام من الداخل، رغم نفعها في دحر البرد ولو بجزء بسيط إلا أنها تشكل خطورة على حياة اللاجئين فالمواد الداخلة في تصنيعها كالإسفنج و النايلون قابلة للاشتعال و خصوصا في المخيمات التي تحوي على شبكات كهرباء بشكل عشوائي.
ليس البرد وحده من يهاجم السوريين في لبنان، إذ تقوم قوات الأمن بتقييد حركة الدخول والخروج للاجئين في المخيمات و خصوصا في عرسال و تمنعهم من مغادرته لتلبية متطلباتها.
أما الوضع الطبي فليس بأفضل إذ يوجد عدد من المرضى داخل المخيمات بحاجة للخروج منها إلى المشافي لتلقي العلاج المناسب بينما تقتصر الخدمات الطبية في المخيم على بعض النقاط الطبية والأدوية و الاسعافات الأولية التي لا تجدي نفعا.
و قد أطلق ناشطون حملة على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان ” أخرجونا من لبنان ” بهدف إلقاء الضوء على أوضاع اللاجئين المزرية مع عجز واضح من قبل الائتلاف المعارض أو الحكومة المؤقتة وحتى المنظمات الإنسانية على اتخاذ أي قرار أو خطوة تصب في مصلحتهم و تعيد لهم جزءا من إنسانيتهم.
و تستمر معاناة السوريين أينما ذهبوا فلا مفر من الموت في وقت تأخذ الدول العظمى موقف المتفرج بل جل ما تفعله عقد الاجتماعات و المؤتمرات التي تبقى حبرا على ورق و لا تقدم للشعب السوري سواء في الداخل أو الخارج أي نفع، يتأمل لاجئو المخيمات في لبنان العودة لبلادهم كل يوم فحياة الذل و التشرد لا تليق بكرامتهم و إنسانيتهم التي عرفوا بها.
سماح خالد
المركز الصحفي السوري