أطفال بعمر الورود أجبروا على النزوح والهجرة من سوريا مع عائلاتهم لتكون أوروبا مقصدهم و وجهتهم بعد أن كانت حلما للكثيرين أصبحت كابوسا في رحلة العبور إليها و اجتياز مخاطر البحر الهائج.
خوف الأهالي على أطفالهم من حياة القصف و القتل دفعهم لخوض رحلة اللجوء وسط تشجيعات ممن سبقوهم، والهدف منها إبعادهم عن الأجواء المشحونة بالتوتر والقلق في سوريا علهم يستطعون أن يعيدوا لهم جزءا من طفولتهم المسلوبة.
وفي تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة ” اليونيسيف” في نهاية أيلول أعلنت فيه أن عدد الأطفال السوريين المهاجرين الذين عبروا البحر المتوسط باتجاه أوروبا فاق 100 ألف طفل، في حين بلغ عدد المهاجرين البالغين أكثر من مليون مهاجر.
وتعتبر شريحة الأطفال المتضرر الأكبر من ضغوطات الحرب النفسية والاجتماعية و حتى الاقتصادية لتبدأ حياتهم الجديدة في المهجر، حيث يعانون من صعوبة في التأقلم مع الواقع الجديد و وجع الغربة بعيدا عن أصدقائهم و الجو الاجتماعي الدافئ وسط الوالدين والأجداد والأعمام والأخوال .
أم بدر الدين من مدينة ادلب تقول : ” قمت بإرسال ابني ذو الخمسة أعوام مع أخي إلى ألمانيا لتكون إجراءات ” لم الشمل ” أسرع، خمسة أشهر مضت ولم يتغير شيء، أشعر بالندم و القهر كلما سمعت بكاءه عندما يكلمني ويقول لي لماذا لم تأت معي وهو لا يعلم أن الفقر وراء ذلك، حيث قامت عائلة ألمانية بتكفله و تربيته على الثقافة الألمانية و هذا أمر أخشى عواقبه”.
و كخطوة إيجابية قامت الحكومة الألمانية العام الحالي بإطلاق برنامج لدعم الأطفال والقصر اللاجئين دون ذويهم ولدمجهم مع بيئة مناسبة مع المجتمع الألماني، و بلغت تكلفته 12 مليون يورو.
و قالت وزيرة الأسرة الألمانية مانويلا شفايسغ -في حديثها للجزيرة نت- إن وزارتها عازمة على توفير سبل الدعم والرعاية للاجئين القصّر، ومرافقتهم نحو المستقبل في طريق خال من الخوف وبإمكانيات تعليمية جيدة.
يحظى الأطفال السوريون اللاجئون دون ذويهم فور وصولهم إلى دول أوروبا بفحص جسدي شامل للتأكد من سلامتهم ووضعهم في ملاجئ تحت إشراف أشخاص لتتم معالجة مشكلاتهم النفسية التي اصطحبوها معهم، و يتم وضعهم في مدارس لتعليمهم اللغة الألمانية، لكن للأسف كل الجهود المبذولة لتخفيف ضغطهم النفسي لا تجدي نفعا.
وتصنف ألمانيا التي تستقطب أكبر نسبة من السوريين ” البلد العجوز ” لأنها تحتوي على أقل نسبة خصوبة في العالم بمعدل 1,4 طفل لكل امرأة، و هذا مبرر واضح لاهتمامها بالأطفال السوريين لتدربهم وتتمكن من دمجهم في المجتمع الألماني كون أذهانهم صافية وقادرة على التعلم بسرعة أكبر، ليكونوا في المستقبل اليد العاملة للألمان والفرصة الذهبية لتحسين اقتصادهم.
و شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حملات عديدة لدعم الأطفال سواء في داخل سوريا أو خارجها ومنها حملة ” أطفال الأمل ” وحملة ” نحن الطفل وأنت البرميل”، ستبقى أطفال سوريا رمزا للأمل رغم الظروف الصعبة التي يعيشونها فلابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر.
سماح خالد
المركز الصحفي السوري