لم يبقى سوى قلم رصاص ودفتر عليه حروف أحمد وكتاباته وخطه وبعض الكتب داخل حقيبته الزرقاء، ذكرى لأمه وأبيه اللذان ذهبا منذ عام إلى تركيا بقصد العمل بعد أن فارق الحياة إثر قصف لقوات نظام الأسد على قريته الصغيرة جب سليمان بريف حماة الغربي .
بعد أن كان يمشي إلى مدرسته كل صباح على طريق المدرسة، و تحاكيه الطبيعة و العشب الأخضر و يضحك لها و يكلم نفسه أين أنتِ أمي أين أنت أبي، ويلتقي رفاقه ومعلمته لينسى ألم الفراق والبعد عن حضني أمه وأبيه الدافئين، فلم يكن يعلم أبدا أنه لن يراهم، وأنه سيقتل من نظام عشق قتل الأطفال والتفنن بقصف المدنيين، لينهي حلم طفل عظيم بأن ينجح في صفه و يرسل صورة الجلاء المدرسي عبر الهاتف إلى أبيه وأمه، إلا أن نظام الأسد قتل الطفل و قتل الحلم .
أحمد .. لديه أخ أصغر منه من ذوي الاحتياجات الخاصة، يعاني من إعاقة في أطرافه الأربعة، يهوى اللعب معه فهو كان يعتبر نفسه رجل البيت وعموده وكان يشتري لأخيه الحلوى …. استشهد أحمد و بقي الصغير و تناثرت الذكريات و سقطت الكلمات و انهمرت دموع الأخ الصغير و صاح بصوت عالٍ ….. أحمد … من يستطيع اسكاته دعوه يبكي فقد رحل العزيز .
جنت الأم و الأب على رحيل الطفل، وكانت كلمات الأب تحمل بين حروفها ألما عظيما لم تستطع الأم حبسه ….. ياليتنا معك يا حبيبي يا ولدي يا عيوني … فالفقر أبعدهم عنه، والأسد أبعده عنهم إلى الأبد .
ارتقى أحمد عصر اليوم بقصف مركز لقوات النظام على منازل المدنيين في قرية جب سليمان، في إطار الحملة التي تشنها قوات النظام على حماة و إدلب منذ عدة أسابيع، والتي ارتكبت فيها عدة مجازر بحق أطفال ونساء سببت نزوح الآلاف نحو الجبال، لتجبرهم على السكن في الخيام تحت المطر و البرد، أمام صمت المجتمع الدولي الذي نسي الإنسانية .
ستبكي سمر معلمة أحمد في كل حين، عندما تنظر لمقعده في الصف، و سيحدثها عن الألم الذي عاناه من صواريخ النظام وسيبكيه رفاقه و يشتاقون للعب معه وسيسألون المعلمة …. معلمتي أين أحمد ….. في الجنة يا أطفالي .
المركز الصحفي السوري _خاطر محمود