من لم تهزه صورة الطفلين الصغيرين وقد ألقاهما المجهول جثتين هامدتين في حضني والديهما؟!
ماتا خنقاً بلا ذنب ارتكباه وماذا يمكن لطفلين بعمر الثلاث سنوات وسنة ونصف أن يجرماه .. ولتكمل القصة المأسوية فقد ارفقت الجثتين برسالة تشفي بلغة ساخرة وتوعد بمزيد من القتل “هدية حلوة للغالي أبو عوض وأبو المجد.. والقادم أعظم”.
الصدمة لن تزول ولو حلت حبال غموض القضية وعرف سبب ومن قام بالقتل خنقاً فلن يبرر ذلك الجريمة .. القتل المجاني واستسهال الدماء الذي تعيشه سوريا يطرح تساؤلا ما طينة وطبيعة من يرتكب هذه الجرائم هل هو بشري أم وحش كاسر هل يجلس مساءً مع أبنائه يلاعبهم ويضحك معهم وهو منذ ساعة قد خنق بيديه طفلين صغيرين لم يجر القلم عليهما، كيف لعيون المجرم أن تغمض ودم بريء يتراءى في مخيلته أم يأكل ويضحك وينام ويقضي حوائجه وكأن شيئاً لم يكن ولم يصطدم الناس بطبيعته الوحشية الحيوانية.
هل تصدقوني إن قلت لكم إن هذه الوحشية الصادمة نجد جذورها في آلاف الصور التي سربها قيصر للمعتقلين السوريين في معتقلات الأسد وقصص الجرائم التي نقلها المعتقلون أنفسهم وهم يروون سيلاً من ألوان وأصناف التعذيب وفنون القتل يشيب لها الولدان ولا نجرؤ على مجرد تصورها، قصص تبلغ الآلاف لسوريين يشبهوننا كانت لديهم عائلة وأحباب وأصدقاء إلى أن أنهى ذلك السجان ورماهم في المجهول أرقاماً بلا حياة.
ضريبة كبيرة يدفعها السوريون يومياً من دمائهم ودماء أبنائهم لأنهم تجرؤوا على رفض الظلم وطأطأة الرأس فضلوا الثورة والتشرد والضرب في بلاد الله الواسعة ليأمنوا على ثورتهم التي تحاول جميع الدول دون استثناء على وأدها والانتقام من رجالها حتى يكونوا عبرة لباقي الشعوب ولا تكرر مطالب الحرية في وجه طغاة العصر وقد قالوها ” هل تريدون أن تكونوا مثل سوريا”.
المطلوب من قبل النظام وجميع الأنظمة العربية المستبدة أن ينكل بالسوريين الأحرار وتلطخ بالسواد الثورة وأهلها وأن تستمر المأساة السورية أطول مدة ممكنة بلا حل في الأفق سوى إعادة تأهيل نظام الأسد المجرم بحجة التفاوض خطوة بخطوة ونقل المطالبة من إسقاط نظام متعفن تجاوزه التاريخ منذ خمسين سنة الى شراكة سياسية بين المنبطحين ممن يسمون أنفسهم معارضة والأسد ربيب النظام العربي الرسمي.
لكن أبشر الجميع أن نفَس السوري الحر طويل وكلما زدتم في ضغطكم عليه زاد من صبره هل تظنون أن من يفضل أن يعيش الحصار بلا طعام أو يهجر أرضه وبيته ليسكن خيمة لا ترد حراً ولا تقي برداً عن أن يعود لحضن النظام يمكن كسره أنتم إذاً لا تعرفون السوري.
أقول رحم الله الطفلين فاطمة ونور الحمود من مخيم الوفاء في أطمة بريف إدلب وربط على قلب أهلهما وأقول للقاتل “بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين”.
محمد مهنا / مقال رأي
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع