قالت مصادر مقربة من المعارضة السورية إن قطر تبحث عن تثبيت دورها في مفاوضات الحل السياسي في سوريا بتسليط المزيد من الضغوط على المعارضة المرتبطة بها لتقدم على تنازلات جديدة ترضي بها كلا من روسيا وإيران والرئيس السوري بشار الأسد.
وكشفت المصادر في تصريحات لـ”العرب” عن أن الدوحة تضغط بقوة على بعض الفصائل المرتبطة بها للاستجابة لما سيطلبه الروس من وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني الذي التقى السبت في موسكو نظيره الروسي سيرجي لافروف.
وتسعى قطر إلى الاقتراب من الرؤية الروسية للحل في سوريا، تماما مثلما سعت إلى الاقتراب من رؤية الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما من الأزمة، وحرصت على الإيحاء بتأثيرها على المعارضة المسلحة، لكن رهانها فشل في لعب دور الوكيل الأميركي في الملف السوري.
ولا يستبعد متابعون للشأن السوري أن تحاول الدوحة تطويع مواقف المعارضة المقرّبة منها للابتعاد عن جبهة النصرة والمجموعات المتحالفة معها والاقتراب من رؤية النظام للحلّ، وهو ما تجسّد في مشروع التسوية القائمة على التهجير الطائفي في اتفاق البلدات الأربع (الفوعة وكفريا والزبداني ومضايا) والذي تم مع إيران وبدأ تنفيذه الجمعة.
وتحاول الدوحة أن تجلب الأضواء لدورها في سوريا رغم كونه هامشيا ويأتي لترضية موسكو، وهذا ما يفسر زيارة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إلى موسكو على هامش الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران.
وأكد وزير الخارجية القطري السبت أن هناك نقاط اتفاق عديدة بين بلاده وروسيا بشأن الأزمة السورية، أهمها وحدة الأراضي السورية والدعم الإنساني للشعب السوري.
وقال “نعتبر الجزء الإنساني في اتفاق المدن الأربع في سوريا هو الناحية الأهم، وإذا لم تتم محاسبة المسؤولين عن حادثة خان شيخون فإن هذا سيكون سبباً لتكرارها”، مضيفا “اتفقنا مع الجانب الروسي على ضرورة إجراء تحقيق في حادثة الهجوم الكيميائي ومحاسبة الفاعلين وندعم الجهود الدولية في هذا الاتجاه”.
ومن الواضح أن تصريحات الوزير القطري متماهية مع تصريحات نظيره الروسي، وأن حديثه عن وجود خلافات بين الجانبين لا يعدو أن يكون كلاما عاما بغاية الإيحاء بوجود تكافؤ وليس تبعية كاملة من الموقف القطري لرؤية روسيا إلى الحل السوري.
وقال لافروف، خلال مؤتمر صحافي مع الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، “نصر على إجراء تحقيق دقيق وموضوعي وغير منحاز بحادثة الهجوم الكيميائي وإرسال، وبشكل فوري، لجنة تحقيق إلى مكان الحادث والمطار الذي جرى استهدافه من قبل الولايات المتحدة”.
وذكر أن قطر وروسيا اتفقتا على أهمية بدء حوار سياسي بين الحكومة والمعارضة المسلحة في سوريا وضرورة وقف إطلاق النار والتركيز على مكافحة الإرهاب.
ويبدو أن تأثير قطر على المعارضة المسلحة بات هامشيا، وهو ما يفسر اعتراض عدد من الفصائل على تنفيذ اتفاق البلدات الأربع.
وينتظر الآلاف من المدنيين والمقاتلين في عشرات الحافلات منذ ساعات طويلة قرب مدينة حلب نتيجة عراقيل تمنعهم من إكمال طريقهم إلى وجهاتهم النهائية غداة إجلائهم من أربع بلدات محاصرة.
وتمّ الجمعة إجلاء 5000 شخص بينهم 1300 مقاتل موال للنظام من بلدتي الفوعة وكفريا في إدلب (شمال غرب) و2200 شخص بينهم حوالي 400 مقاتل معارض من بلدتي الزبداني ومضايا قرب دمشق.
وقُتل وجُرح العشرات من أهالي الفوعة وكفريا في تفجير انتحاري استهدف حافلاتهم غداة إجلائهم من البلدتين، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتأتي عملية الإجلاء ضمن اتفاق تم التوصل إليه نهاية الشهر الماضي بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة برعاية إيران وقطر.
وترى الفصائل المقاتلة أنه تم انتهاك الاتفاق، إذ كان من المفترض أن يتم إجلاء ثمانية آلاف شخص بينهم ألفا مقاتل موال من الفوعة وكفريا ضمن المرحلة الأولى.
وأكد قيادي من الفصائل أن الخلاف حاليا يدور حول عدد المقاتلين الموالين الذين تم إجلاؤهم من الفوعة وكفريا، من دون الدخول في تفاصيل إضافية.
العرب اللندنية