إنه ليس “أوباما”، بل سيد البيت الأبيض “دونالد ترامب” الذي أراد أن يظهر كرجل أفعال لا أقوال إزاء تدخله في الرد على استخدام نظام الأسد للأسلحة الكيماوية في “خان شيخون” في ريف إدلب وذاك ما يتيح له فرصة أخرى لغسل يديه من شبهة تقارب مع روسيا، أضرت بسمعته وأطاحت ببعض خواص معاونيه.
ليظهر السؤال المطروح تلقائياً، هل تشكل تلك الضربة المحدودة أصلاً التدخل الدولي الذي قضى مئات آلاف السوريين الانتظار له؟!
سؤال يقابله آخر حول سجل التدخل العسكري الأميركي في المنطقة وما إذا كان سيبشر بنتائج إيجابية لو قدر له أن يستمر ويتطور في سوريا؟
لم تستطع أن تمحي أزيز الصواريخ الأمريكية صوت تلك الأنفاس المختنقة التي لن تنسى لفترة طويلة، ولن يخرج النظام الدولي من مأزقه الأخلاقي المحرج في سوريا بعد عودة القصف من جديد من قاعدة الشعيرات التي استهدفت بالضربات الأمريكية المحدودة، بعد أن أقلعت ثلاث طائرات حربية تابعة للنظام السوري على دفعات من المطار في ريف حمص بعد يوم واحد على الضربة العسكرية الأمريكية.
إذ أكدت مصادر في الجيش السوري الحر استهداف النظام مواقع عدة في بلدة اللطامنة في ريف حماه الشمالي بصواريخ محملة بمادة النابالم الحارقة المحرمة دولياً المحللة على الشعب السوري, كما استخدمت طائرات النظام الفوسفور والقنابل العنقودية في استهداف ريفيّ إدلب ودرعا
ليظهر سؤال محير للأذهان، هل عاد المطار للعمل بعد أقل من 24 ساعة الذي استهدف ب 59 صاروخاً من طراز “توماهوك” كما أعلنت إدارة ترامب؟ .. أهو تنسيق أم اتفاق بين موسكو وواشنطن على حدود الضربة وامتدادها؟.
مع عودة المطار للعمل تتكشف معطيات اللعبة الاستراتيجية التي ظهرت بمثابة عملية توبيخ للنظام لا أكثر لاستخدامه الكيماوي، ومع استمرار الروس في دعم الأسد لم تكن الضربة مغيرة لمعطيات اللعبة بأي شكل من الأشكال.
هل هو عقاب بالفعل أم استعراض عضلات لسيد البيت الأبيض “ترامب”؟ لم تفعل الصواريخ الموجهة شيئاً! بل كانت ربما بمثابة رسالة واضحة أنه لو تم معاودة استخدام الكيماوي سيكون الرد مماثلاً.
لم يملك “ترامب” خياراً آخر ليرضي الجميع، بعد أن أثارت وسائل الإعلام استخدام السلاح الكيماوي ضد مدني سوريا العزّل، فخياره بعدم فعل أي شيء إيذاء ما يحدث يخضعه لاعتقادات داخلية “الحزب الديمقراطي” ووسائل الإعلام التي تتسارع للكشف عن الحقائق.
لعلّ المشكلة المعلنة عنها أمريكاً فقط القتل بالغاز السام وفي حال قتل الأطفال بشتى أنواع الأسلحة الفتاكة الحديثة والقديمة من قبل نظام الأسد ليس مهماً، ما يشير إلى أن هدف هذه الضربة لم يكن لتغيير نظام الحكم في سوريا ووقف عملية استنزاف الدم السوري على الأرض السورية، ذاك ما يجعل السوريين ينتظرون الأيام القادمة ليشاهدوا رداً جديداً ل “ترامب” وتدخلاً عسكرياً أوسع لكشف الرغبة في المساعدة الدولية.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد