شهدت مناطق سيطرة المعارضة السورية في الآونة الأخيرة انتشارًا كبيرًا لظاهرة الصيدليات غير المرخصة أو كما يسميها السكان المحليون بـ”الصيدليات العشوائية”، ما شكّل تهديدًا جديًا على صحة المواطنين.
ولا تملك مئات الصيدليات في تلك المناطق أي ترخيص ويشرف عليها أشخاص لا يحملون شهادات الصيدلة، وليس لديهم سوى معرفة بسيطة بالأدوية وخبرة قليلة في التعامل فيها لا تتجاوز أشهر، ونتيجة ذلك، كثير من الحالات تصل للمشافي بشكل متواصل نتيجة تناولهم الدواء الخاطئ.
وأسهم في انتشار الظاهرة، الحاجة المتزايدة للدواء، وغياب الرقابة، وعدم قدرة الجهات المسؤولة عن القطاع الصحي في المعارضة مثل مديريات الصحة، على ضبط الأمر، لعدم امتلاكها القدرة الكافية على فرض القرارات التي أصدرتها في هذا الصدد.
وأصدرت مديرية الصحة بإدلب (شمال) التابعة للحكومة السورية المؤقتة، قرارًا نهاية العام الماضي، يقضي بإغلاق الصيدليات المخالفة في المحافظة، وإعطاء مهلة للصيدليات القديمة، لتأكيد ترخيصها، والجديدة للتقدم للمديرية للحصول على رخصة، إلا أن القرار بقي حبرًا على ورق و لم يحد من تفشي الظاهرة.
وقالت الصيدلانية “أم أمجد” من مدينة “كفرنبل” جنوبي إدلب، إن إمكانية فتح صيدليات بدون ترخيص بات في متناول الجميع، في حال توفر رأس المال وكمية من الأدوية ومعرفة بسيطة في أنواعها، مشيرة إلى أن هناك الكثير من الأشخاص قاموا بفتح صيدليات خاصة بهم، بعد شهرين لمزاولتهم المهنة في إحدى الصيدليات.
وأضافت أم أمجد في حديثها للأناضول، أن الأمر العشوائي في فتح الصيدليات يؤدي لأخطار كبيرة على صحة المواطن، كون الشخص المزاول للمهنة غير متخرج من فرع الصيدلية وليس له دراية في معرفة التأثيرات الجانبية للدواء، والتي تدرّس خلال خمس سنوات في كليات الصيدلة والطب البشري، معربة عن أسفها لتحول الصيدلة من مهنة علمية إلى عمل تجاري.
وأوضحت أن مغادرة كثير من خريجي الصيدلية للبلاد خفض من عدد الصيدليات المرخصة، وهو ما ترك فراغًا بادر من لا يملكون الشهادات لملئه في ظل الحاجة الشديدة للدواء نتيجة الأزمة التي تمر بها البلاد، إضافة لحالات القصف التي ينتج عنها عدد كبير من الجرحى يحتاجون جراءها إلى الدواء بشكل متواصل.
من جانبه أكد الدكتور “مالك أبو عبد الله” العامل في أحد مشفى الميدانية بريف إدلب، شمال سوريا، أنهم يتلقون الكثير من الحالات لأشخاص تدهورت صحتهم نتيجة تناولهم الدواء الخاطئ.
وأضاف معطيًا مثالًا على الخطورة التي تشكلها الصيدليات غير المرخصة، أن امرأة حاملّا كانت قد أصيبت بصداع فوصف لها أحد باعة الأدوية “البروفين”، وهو مضاد حيوي يضر بالحوامل، مشيرًا إلى أنها وصلت للمشفى وهي تعاني من آلام في البطن ما اضطرهم (الكادر الطبي) في النهاية القيام بإجهاض الجنين حفاظًا على حياتها.
ولفت أبو عبد الله إلى أن بعض الصيدليات غير المرخصة تقوم بإعطاء المريض أدوية لا يجوز إعطاؤها إلا بوصفة طبية كالأدوية المخدرة، محذرًا من استمرار السماح للصيدليات العشوائية بالعمل، لما تسببه من أضرار على حياة المواطنين تصل لحد الوفاة في بعض الحالات.
ولا يوجد إحصائية شاملة لعدد الصيدليات غير المرخصة في مناطق سيطرة المعارضة بشكل عام، إلا أن إحصائية أصدرها المكتب الطبي في مدينة كفرنبل التابع للمعارضة، مؤخرًا، تشير إلى وجود نحو 40 صيدلية غير مرخصة في المدينة التي لا يتجاوز عدد سكانها 35 ألف نسمة.
الأناضول