تحاول الصناعة العسكرية الناشئة فى تركيا الوصول على نحو مستقر إلى سوق الهند – الباسيفيك. وتستثمر أنقرة الكثير فى قطاعها الدفاعي فى محاولة لتخفيف الاعتماد على شراء الأسلحة الأجنبية، وتسويق الأسلحة التي تنتجها في الخارج.
ونظرا لأن صفقات الأسلحة تساعد أيضا في تعميق العلاقات الدبلوماسية، فإن الحكومة التركية ربما تستغل التعاون الدفاعي لتوسيع شبكتها من العلاقات الخارجية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
تهدف تركيا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في صناعة الدفاع بحلول عام 2023. وهو هدف ربما كان شديد الطموح. ويتوقع أن تصدر أنقرة ما قيمته 25 مليار دولار من الأسلحة والمعدات العسكرية بحلول ذلك العام.
وفي هذا الصدد، يمكن أن يكون تعاون أنقرة في مجال الصناعات العسكرية مع دول إسلامية، مثل باكستان وإندونيسيا وماليزيا بمثابة معرض لتسويق الأسلحة التركية الصنع في جنوب وجنوب شرق آسيا.
الدبابات والغواصات والسفن الحربية
ذكرت مؤسسة ستوكهولم الدولية لبحوث السلام أن تركيا كانت حتى الآن موردا متواضعا نسبيا للأسلحة، حيث تعد باكستان وماليزيا أكبر زبائنها في جنوب وجنوب شرق آسيا. وخلال المدة من عام 2000 وحتى عام 2016، باعت أنقرة أنظمة عسكرية بقيمة 179 مليون دولار و142 مليون دولار إلى كوالالمبور وإسلام أباد على التوالي.
اشترت الحكومة الماليزية ناقلات الجنود المدرعة ومركبات قتال المشاة، وكانت أكبر صفقة مع باكستان بيع سفينة إمدادات عسكرية مصنعة بشكل رئيسي من قبل شركة “تكنولوجيات الدفاع للهندسة والتجارة” المحدودة التركية STM.
وذكرت وسائل الإعلام الباكستانية والتركية الأسبوع الماضي أن روكيتسان العملاق الدفاعي التركي قد أصبحت مستعدة لبيع باكستان منظومة الصواريخ متوسطة المدى المضادة للدبابات. وتأمل وزارة الدفاع في أنقرة أن يكون هذا البيع جزءا من صفقة أكبر تتضمن الطائرة المروحية الهجومية من نوع T-129.
وفى الشهر الماضى وقعت أنقرة وإسلام آباد مذكرة تفاهم لبيع أربعة طرادات تركية الصنع من نوع ميلغيم MELGEM. ويقال إنها سوف تنتج بشكل مشترك في باكستان، وستستخدمها البحرية الباكستانية لحماية كل من ميناء غوادار وكراتشي من الهجمات الخارجية المحتملة.
وتركز الشراكة الدفاعية الصناعية التركية مع ماليزيا وإندونيسيا على الدبابات والغواصات. تسعى شركة “إتيكا استراتيجي” الماليزية بالتعاون مع شركة “بي إم سي” التركية وشركة “راينميتال” الألمانية إلى الفوز بعقد بعدة مليارات من أجل إنتاج الدبابة ألتاي التي طورت شركة أوتوكار التركية لصناعة العربات العسكرية أول نموذج لها.
عرضت شركة FNSS التركية للصناعات الدفاعية تركيا وشركة PT PINDAD الإندونيسية النموذج الأول للدبابة متوسطة الوزن من نوع “كابلان إم تي” خلال المعرض الدولي لصناعة الدفاع في إسطنبول في مايو/ أيار الماضي. صُممت الدبابة كابلان لمواجهة تهديدات الحرب غير المتماثلة، وستدخل العمل كل من القوات المسلحة التركية والإندونيسية. ويأمل المطورون أيضا في تسويقها في بلدان أخرى، على الأقل بين دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
ويعد برنامج الدبابة كابلان إم تي الذى بدأ فى عام 2014، جزءا من ترتيبات للتعاون الدفاعي بين أنقرة وجاكرتا، ويلبي حاجة هذه الأخيرة إلى دبابة منخفضة التكلفة، في وقت تواجه فيه الحكومة الإندونيسية مشاكل في الميزانية.
وعلاوة على ذلك، أعلنت شركة STM التركية وشركة ThyssenKrupp Marine Systems الألمانية خلال معرض الدفاع الدولي في إسطنبول الشهر الماضي، أنهما ستعرضان على إندونيسيا الغواصة تايب 214 ذات الدفع بمحركات الديزل الكهربائية التي تبنيها الشركتان للبحرية التركية في حوض بناء السفن في غولجوك قرب اسطنبول.
تخطط جاكرتا لبناء أسطول من الغواصات يتراوح بين 10 إلى 12 غواصة، وخطة تقوم على أساس استراتيجية قوة الحد الأدنى الأساسية. وسيتعين على الغواصة التركية الألمانية تايب-214 التنافس مع غواصة سكوربين الفرنسية و غواصة فارشافيانكا الروسية اللتين عرضتا بالفعل على الحكومة الاندونيسية.
مبيعات الأسلحة التركية ذخيرة دبلوماسية لأنقرة
ومن شأن الروابط الدينية والثقافية مع باكستان وإندونيسيا وماليزيا أن تساعد تركيا على إزاحة البعد الجغرافي وتعزيز وجودها الجغرافي السياسي من المحيط الهندي إلى غرب المحيط الهادئ.
وبالنتيجة فإن تركيا حريصة على الحصول على موطئ قدم لها في أسواق الدفاع في جنوب آسيا وجنوب شرقها. لكن التعاون الدفاعي التركي مع دول المنطقة لا يتعلق فقط بالعلاقات التجارية والعائدات التجارية، بل إنه يتعلق أيضا بمحاولة أنقرة تأمين عمق دبلوماسي لها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
تعالج تركيا حاليا الصدع في العالم العربي السني بين السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة من جهة، وقطر والتنظيمات السياسية الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين وحماس، من جهة أخرى. تسعى أنقرة إلى إيجاد حل دبلوماسي لهذا الصراع العربي، على الرغم من أن علاقاتها الثابتة مع الحكومة القطرية والإسلام السياسي السني تجعلها وسيطا بعيدا.
تتمتع إسلام أباد وجاكرتا وكوالالمبور بعلاقات عميقة الجذور مع كل من الرياض والدوحة، ويمكن أن تصبح ذخيرة دبلوماسية مهمة للحكومة التركية في حال تصاعد التوتر في شبه الجزيرة العربية.
ترك برس