بين محطات كثيرة, ووقفات صحفية عدة زادت خبرته وصُقلت شخصيته إنسانيا ومهنيا, وبين إعلام يُلَقَّن من السلطات حرفا بحرف, وحرية كان يمارس طقوسها, عرضته للمساءلة والقضاء في جريدة تشرين السورية, وصولا إلى جريدة العرب التي تركها مؤخرا يروي لنا خصوصية هذه التجربة التي تقف على حد السيف بين الحياد والتبعية, ويخبرنا عن واقع الإعلام الثوري المحبط الذي لا يرقى لأن يقال عنه إعلاما حسب رأيه.. كل هذا وأكثر في حوار خاص مع الأستاذ “أسامة سعد الدين” الكاتب الصحفي في جريدة تشرين وقناة شام السورية, وصحفي في جريدة الراية القطرية ورئيس تحرير قسم التحقيقات في جريدة العرب القطرية سابقا.
1- محطات كثيرة مررتَ بها من البدايات, وصولا لمنصبك كرئيس قسم التحقيقات في جريدة العرب أخيرا, كيف أثرى العمل لسنوات طويلة وفي عدة جهات شخصيتك كصحفي؟
بالواقع تركت العمل في قسم التحقيقات وغادرت صحيفة العرب القطرية مؤخراً، على أمل الالتحاق بوسيلة إعلامية عربية قريبا، وكانت تجربة ثرية بالنسبة لي، فقد كنت المؤسس لقسم التحقيقات في “العرب” عام2009، وقد ساعدتني خبرتي في نجاح القسم، حيث اتكأت على حصيلة أكثر من سبع سنوات ( 1999 – 2006)، من العمل سكرتيرا لتحرير الشؤون المحلية في صحيفة الراية القطرية، فكانت التحقيقات تغوص في القضايا المغرقة في الشأن القطري، من اجتماعية وخدمية واقتصادية وتعليمية وحتى ثقافية في المجتمع المحافظ على تراثه وتقاليده العربية الأصيلة، والمتطلع إلى الانفتاح والتطور في مختلف المجالات…
من دون شك عملي في الصحافة الخليجية أثرى شخصيتي الصحفية، وعزز إمكانياتي وخبراتي، فثمة احتكاك مع طيف متنوع من المدارس الصحفية, إذا جاز التعبير, فالعمل في المؤسسات الصحفية القطرية والخليجية عموما، يجعلك تتعامل مع زملاء من جنسيات عربية متنوعة، كان في قسم التحقيقات في العرب زملاء وزميلات مصريون ولبنانيون وسودانيون وموريتانيون ..
وهذا الاحتكاك المباشر واليومي يمنح الشخص فرصة للاطلاع على أساليب متنوعة في العمل الصحفي، وفي الواقع هذا العمل يثري شخصية الصحفي ويضفي تنوعا جميلا على العمل بشكل عام، وعملية ضبط كل هذه الأساليب والتنوع الجغرافي في سياق واحد ينسجم مع الأسلوب الذي سيخرج به العمل, وهو هنا المادة التحريرية, بما يكون مقبولا مع شريحة القراء المستهدفة وهي المجتمع القطري، بما فيه المواطنون القطريون والمقيمون ، بل أكثر من ذلك وبما يعكس صورة هذا المجتمع.
2- أنت قضيت سنوات طويلة في إعلام النظام السوري كجريدة تشرين في التسعينيات وبعدها قناة شام وغيرها, ما هي خاصية وتفاصيل العمل كصحفي هناك, وهل هناك خبايا كنت تسكت عنها بحكم السلطة, خاصة مع بدايات الثورة السورية؟
– بعد تخرجي وإنهاء خدمة العلم التحقت للعمل في صحيفة تشرين الرسمية منتصف عام 1994، وكان عملي مراسلا للصحيفة في محافظة حلب حتى مطلع 1999، حيث بدأت رحلة اغترابي لألتحق بصحيفة الراية القطرية، وفي الحقيقة وأقولها بالفم الملآن، وليس تحببا بالنظام القاتل، أن عملي لفترة زهاء 4 سنوات في “تشرين” كانت من أجمل أيام عملي الصحفي، وأذكر هاتيك الأيام بكل شوق وحنان وشغف، صحيح أن هذه المشاعر لبدايات انطلاقي في بلاط صاحبة الجلالة، ولكن ثمة سبب آخر وجوهري، وهو أني كنت أشعر بلذة العمل الصحفي، كنت أشعر أني صحفي، ولست موظفاً, ولازلت أذكر تحقيقاتي وموضوعاتي التي كانت تنشر في “تشرين” وأسردها لزملائي هنا في الدوحة.
وأقولها بكل صراحة, وأرشيفي يشهد, كانت لي مغامرات صحفية مقدرة، ولم تكن تمارس عليّ أية ضغوطات من أي جانب كان: لا الجهات الرسمية (محافظ ، وزير) ولا الجهات الأمنية، ولربما إذا اقترب الصحفي من المحرمات وهي محرمات ممنوع الاقتراب منها حتى الإدارات المسؤولة على النشر فلا تجرؤ أن تنشر أية مادة صحفية تصل إليها اذا كانت تمس بسوء كل من “الجهات الأمنية – الجيش والقوات المسلحة – السياسة الخارجية – شخص الرئيس، “رغم أني كنت أكتب عن قضايا فساد تمس متورطين من المسؤولين الكبار، لدرجة أنه رفعت علي أكثر من دعوة قضائية بسبب النشر، ومثَلتُ أمام القضاء وقاضي التحقيق العاشر بالذات وغيره في أكثر من قضية، كان آخرها قضية رفعها وزير العدل علي كصحفي وعلى مؤسستي الصحفية “تشرين “، وكان ذلك مطلع عام 1999 وقبل مغادرتي إلى الدوحة بأيام، ومثلت أمام قاضي التحقيق الأول وكان اسمه (كنجو كنجو ) والذي حفظ القضية.
ذات مرة فاتحني أمين فرع حزب البعث في حلب ، بشكل شخصي وليس استدعاء في موضوع نشرته، كان حول خطأ طبي لطبيب نسائية مشهور في حلب، نسي شاشة طبية طولها 45 سم، داخل بطن مريضة ما أدى إلى وفاتها بعد شهر، ووقتها ذكرت اسم الطبيب صراحة وليس ترميزا، فطلب مني أمين الفرع أن لا نخصص بالاسم ويمكن الترميز، كما كانت بعض الصحف تستخدم ذلك، لأكتشف بعد فترة أن الطبيب المذكور من أقرباء أمين الفرع, وبالمناسبة موضوع المحاكمات وجرجرة الصحفيين إلى ساحة القضاء، أمر موجود في كثير من بلدان الشرق الأوسط وليس في سوريا وحدها، حتى هنا في قطر قام أحد المواطنين برفع دعوى علي بسبب تحقيق نُشر موقّعا باسمي في صحيفة “العرب”، وبعد استجوابي، تم حفظ القضية من قبل النيابة العامة.
لا أريد أن يُفهم مما ذكرت، مديح وثناء على الصحافة في سوريا، بقدر ما هو واقع عايشته بكل تفاصيله, ولكن يبدو أن تسلط الأجهزة الأمنية كان باديا وفجّا على العمل الصحفي بعد عام 2000، مع قدوم الوريث بشار الأسد إلى سدة الرئاسة.
بقي أن أشير الى أن النظام وفي واجهته وزير الإعلام، كان وراء توقف قناة “شام” الفضائية، وإغلاقها نهائياَ، بل وأدها قبل أن تولد، فلن تكن “شام” قناة سلطة وإنما محطة تلفزيونية مستقلة.
3- بين إعلام النظام السوري وخاصية التبعية والنقلة إلى الإعلام المعاكس توجها, كيف كانت النقلة من النقيض للنقيض؟
عندما كنت أعمل في صحيفة تشرين وسيلة الإعلام الحكومية، كان لدي طموح كبير للعمل، في مؤسسة إعلامية خاصة لاعتقادي بأنها تتمتع بسقف عال من الحرية الصحفية، بل وكنت أظن أن الحرية ستكون بلا سقف أيضا، ولكني صدمت عندما انتقلت الى صحيفة خاصة، مملوكة لأشخاص ولا يوجد أي سهم من أسهمها للدولة أو السلطة، صدمت فعلا لأني اكتشفت أن حرية الصحافة مجرد تنظير نطالعه في الكتب المتخصصة، واكتشفت أن الحرية الصحفية، ضرب من الخيال، وهذا المصطلح غير موجود على أرض الواقع، فكل وسيلة إعلامية لديها سياسة تحريرية تحد بشكل أو بآخر من حرية العمل الصحفي، وأستطيع القول انطلاقا من تجربتي المتواضعة، أن هامش الحرية الذي نمارسه في المؤسسات الصحفية والإعلامية العامة والحكومية، أكبر بكثير من نظيره في المؤسسات الخاصة التي عملتُ بها على أقل تقدير, والمحرمات التي يُمنع على الصحفي الاقتراب منها في المؤسسات الخاصة هي المحرمات المفروضة في وسائل الإعلام الحكومية ذاتها ، مضافا إليها محرمات أخرى تزيد أو تنقص بين وسيلة إعلامية خاصة وأخرى، لكنها بالتأكيد أكثر منها في وسائل إعلام الدولة, وهنا لابد من الاشارة إلى قناة الجزيرة الفضائية، التي كان انطلاقتها وسط كم كبير من التلفزيونات الرسمية، والفضائيات الحكومية، كان بمثابة ثورة في مجال الإعلام المرئي العربي، من المحيط إلى الخليج, ورغم ذلك لم تكن الحرية الإعلامية مطلقة في قناة الجزيرة, لذلك النقلة من العمل الإعلامي الحكومي إلى الخاص، لم تكن كما كنت أتصور، على صعيد الحرية الإعلامية، لكنها كانت أكثر أريحية من الروتين الذي يضرب أطنابه في المؤسسات الحكومية، على الصعيد الإداري والوظيفي والتقني وأما في المجال التحريري فالأمر سيان، والأجواء متقاربة إلى حد بعيد .
4- بعد خمس سنوات من الإعلام البديل أو ما يسمى بالثوري, نجده أحيانا يفتقد للمقومات الحرفية والمهنية, أو يتبع أجندات وتمويلات معينة, برأيك كإعلامي هل يعتبر هذا إعلاما ثوريا سوريا بديلا قادرا على رصد الشارع بشكل واقعي ايجابي؟
قولا واحداً، ما نراه ونتابعه ونشاهده على صعيد ما يسمى “إعلام الثورة” ، لم يرقَ إلى تسميته إعلاما في الأصل، عشرات المواقع بما بات يعرف في عصرنا بـ”الإعلام الالكتروني” ، وتُعرّف عن نفسها بأنها “ثورية” وتدعم الثورة السورية العظيمة، هي مجرد دكاكين إعلامية والأمثلة كثيرة جدا، ولا حاجة هنا لذكرها, وكذلك بعض الفضائيات والإذاعات وحتى الصحف التي ظهرت كالطحالب على أرض الثورة وفضاءها الإعلامي, ولذلك لم تعكس نبض وواقع الثورة السورية، بل على العكس, معظم هذه الدكاكين تقدم بضاعة فاسدة وسامة، لأنها أضرت بالثورة أكثر مما فادتها !!!
ثمة أكثر من وسيلة وموقع إعلامي “ثوري”، يستخدم مصطلحات يحاول النظام وحلفاؤه تكريسها في أذهان الناس، على سبيل المثال أكثر من موقع إعلامي “ثوري يصف الحرب التي يشنها النظام ” الممانع” على الشعب الذي خرج يطالب في الحرية والكرامة والديمقراطية واحترام حقوق الانسان وبناء الدولة المدنية ، بالحرب “الأهلية”!
ومعظم هذه الوسائل- أقول معظمها ولا أعمم – مرتهن للتمويل، إن كان دولة أو منظمة وحزب أو جهة خارجية أو حتى أشخاص.
في العموم وفي العودة إلى سؤالك أقول لا يوجد إعلام ثوري سوري بديل قادر على رصد الشارع بشكل واقعي يجسد الفعل الثوري النبيل، يعري السلبيات ويوجه لتصحيحها ويسلط الضوء على الإيجابيات ويشجع على تكرارها؟
وهنا أرى أن اللائمة الأولى في هذا المجال، تُلقى على عاتق المجلس الوطني السوري وائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية, ورغم تقديم النصائح والمبادرات لقيادات في الائتلاف، وأنه لم يولي الإعلام الأهمية المطلوبة، وتشكيل مجلس أعلى للإعلام الثوري، إلا أنها جميعا لم تلقَ آذانا صاغية, وأذكر هنا أنني التقيت بأول شخص تم تكليفه لرئاسة الحكومة السورية المؤقتة, ولم يفلح في تشكيلها آنذاك, وجهت له سؤالا (( هل سنرى في أول حكومة للثورة حقيبة لوزارة الإعلام ؟ فتجهم الرجل وكأني أسات إليه وقال لي بالحرف ” يا رجل نحن في ثورة يجب أن نلغي القيود والرقابة …فكيف نؤسس وزارة إعلام!))
ولم تفلح إرشاداتي وتوضيحاتي له، بأهمية وجود مثل هذه الوزارة، لأن الحرب الإعلامية والتي يديرها النظام بجدارة للأسف, لا تقل أهمية عن الحرب بالمدافع والرشاشات, وأكرر هنا أن إعلام الثورة، لن يستقيم دون وجود مظلة ترعاه وتوجهه، ضمن عمل مؤسساتي محترم، يعكس نبض الثورة وأهدافها النبيلة، ودون ذلك ستكثر الطحالب التي تشوه الثورة تحت مسمى “وسائل إعلامية ثورية “ونضع هنا عشرات الأقواس.
… 5- هل سبق وتعارضت مهنيّتك مع أخلاقياتك, وامتنعت عن رصد الخبر أو القصة الإعلامية, رغم أنها كانت ستحقق لك شهرة كبيرة في سبيل أخلاقيات المهنة؟
في حياتي العامة، لا أقدم على أي أمر، إذا لم أكن مقتنعا به، وهذا المبدأ يتجسد أيضا في عملي ومهنتي، ربما ينطبق السؤال على جزء من عملي عندما كنت في “تشرين “، فكانت إدارة الصحيفة، تطلب من المحررين وبشكل خاص، المراسلين في المحافظات، الكتابة عن موضوعات معينة، تمجد إنجازات النظام في ظل ما يسمى ” الحركة التصحيحية المجيدة”، وهي الانقلاب الذي تولى على إثره حافظ الأسد سدة الحكم في سوريا سنة 1970, فكنت صاغراً أكتب عن إنجازات، جلها وهمية أو غير واقعية أو روتينية، بمعنى مطلوب من الدولة إنجازها وهي حقوق وليست انجازات مثل، إنارة قرية وتوصيل التيار الكهربائي للسكان، أو مشروع خدمي يخدم سكان وأهالي المحافظة. ومثل “مشروع جر المياه من نهر الفرات إلى محافظة حلب “، وكانت هذه العناوين والموضوعات تُطلب منا، في المناسبات مثل” 8 آذار (حيث وصل البعث إلى السلطة عام 1963 – 16 تشرين الثاني ذكرى انقلاب الديكتاتور حافظ الأسد عام 1970 – 7 نيسان تأسيس حزب البعث1947 …), وما عدا ذلك كل ما كتبته ، ينسجم مع أخلاقي ومهنيتي اللذين لا أهادن بهما على شيء.
6- لماذا لم يفكر( أهل الإعلام السوري) إذا صح التعبير, بتأسيس معهد أو جامعة افتراضية أو حتى دورات لوضع أسس فعلية للمهنة للمبتدئين, خاصة أن الكثير من الشباب السوريين المنخرطين في الحقل الإعلامي ضعيفو الخبرة كما نوهنا سابقا, ولم تسنح لهم الفرصة أكاديميا؟
أعتقد توجد مبادرات فردية، أعرف زميلا كان يعمل في محطة إعلامية كبرى، افتتح بجهود شخصية وخلال العامين الماضيين، ما يشبه معهد مصغر في الأراضي المحررة بريف إدلب، وبإمكانيات متواضعة ، لتدريب الناشطين الإعلاميين على تقديم تقارير مهنية للفضائيات، وكذلك أدبيات العمل الصحفي وكل ما يتعلق بكتابة وإعداد التقارير الإعلامية والتحقيقات الصحفية, قي الحقيقة نحن بأشد الحاجة لمثل هذه المعاهد والمراكز التي تعمل على تأهيل كوادر في الحقل الإعلامي, ولعل هذا العمل مطلوب من قيادات المعارضة في الائتلاف وما يسمى الحكومة المؤقتة وغيرهما, ومنذ أيام في الدوحة افتتح معهد حرمون للدراسات المعاصرة، ومن ضمن أهدافه دعم الأعلام السوري وأعتقد سيكون لديه دورات في المجال الإعلامي سيما أن له فرع في مدينة غازي عينتاب التركية وأن كل نشاطه أو جله يتعلق بالشأن السوري .
7- هناك رسم كاريكاتوري شهير, يقول فيه طفل صغير أحلم أكون صحفيا حرا, وبعدها يكبر ونراه خلف القضبان مع جملة لقد حققت حلمي, إلى أي حد يعكس هذا الرسم الحقيقة؟
فكرة هذا الكاريكاتير فيها إبداع، وتلامس الحقيقة، نعم الصحفي الحر لا يتمتع في حريته ، حتما سيكون السجن أو المعتقل مكانه الطبيعي, حتى الله سبحانه وتعالى ، يحاسبنا على أقوالنا ((يقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سَخَط الله, لا يُلْقِي لها بالا, يهوي بها في جهنم”.))
كما ذكرت سابقاً ، الحرية الصحفية أو الإعلامية المطلقة ضرب من الخيال، لماذا لأنه لا توجد استقلالية اقتصادية، في الصحافة المملوكة للدولة، ثمة قيود وتابوهات “لا تقترب من شخص الحاكم ” مثلا، في الصحافة الخاصة، ولا تقترب من شخص الممول ومصالحه وأعماله ! لذلك حرية الصحفي في العالم كله، وليس العالم الثالث نسبية وليست مطلقة .
8- بماذا تنصح الإعلاميين الشباب, وهل هناك توليفة وموهبة للصحفي الناجح, أم أن هذا يأتي نتاج عمل وخبرة كبيرة؟
بكل تأكيد الموهبة وحب المهنة، لها حصة كبيرة من كيكة النجاح، ليس في المجال الصحفي والإعلامي فحسب، العازف الموهوب نراه موسيقياً ناجحاً، لابد أن يختلف عزفه عمن سواه وكذلك النجار الموهوب تجده يصنع لك بابا وكأنه لوحة فنية, كذلك الصحفي العاشق لمهنته، تجدين أسلوبه في الكتابة أو طريقة تقديمه التلفزيوني أو إلقائه الإذاعي، تختلف عن غيره, ولكن الموهبة وحدها لا تكفي, لابد من صقلها بالدراسة الأكاديمية والتحصيل العلمي، والمطالعة المستمرة، ومتابعة القضايا والأحداث التي تهم مجتمعك ، وزاد عليها اليوم الإلمام بالتطور التقني من انترنت وحاسوب وغيره.
ونصيحتي للإعلامي الشاب بعد الذي ذكرته آنفاً، بأن يمتلك ناصية اللغة العربية أولا ،ولا يستعجل في نشر اسمه في هذه الصحيفة أو ذاك الموقع، تابع ما تنشره الصحف والمواقع يوميا واقرأ بعين الناقد والصحفي والقارئ ، لا تقلد أحدا، واحفر بإزميلك منحوتتك الخاصة وأسلوبك الذي يميزك، لا تفرح لنشر اسمك للمرة الأولى في هذه الصحيفة أو تلك الوسيلة، حنى ترى نفسك قادرا على المواظبة والإبداع حتى في صياغة خبر لا يتعدى 200 كلمة، لا تقدم مادتك للوسيلة الإعلامية، إلا وأنت راض عنها مئة بالمئة, عندما تسير على هذا النهج بكل تأكيد سيكسبك العمل خبرة وتألقا, ويبقى الصحفي قابلا للتعلم حتى ولو قضى عمره في مهنة “المتاعب”.
للمركز الصحفي السوري – زهرة محمد