المركز الصحفي السوري
علي الحاج أحمد 22/12/2014
لقد دخلت الثورة السورية مرحلة خطيرة وحساسة مليئة بالتطورات والمستجدات التي سيتحدد بموجبها مستقبل سوريا ومصير شعبها، الذي تكبد معاناة لا يعرف لها مثيلاً في التاريخ المعاصر، وكان المأمول من “المجتمع الدولي” رد حازم يردع هذا النظام عن المضي في ارتكاب المزيد من جرائمه.
إن ما يحز في النفس ويثير الغرابة أن ما يتجاوز عدد الشهداء 120442 شهيد سوري ومنهم13407 من الأطفال و13084 من النساء حتى تاريخ 30/11/2014 موثقين بالأسماء حسب الهيئة العامة للثورة السورية قتلوا على يد “قوات النظام” مستخدمين، آلة قتل شرسة من الدبابات والصواريخ والقاذفات والطائرات، وكل هذا لم يكن كافيًا لتحريك “المجتمع الدولي” بل تحتم الانتظار حتى استخدام الغازات السامة المحرمة دوليًا التي تسببت في مقتل أكثر من 1500 ضحية جلهم من النساء والأطفال ليتهم النظام بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، و الصمت الدولي جعل النظام يسعى إلى استغلاله لكسب مزيد من الوقت وعلى نحو يمكنه من الإفلات من العقاب وبطريقة توفر له فرصاً عديدة تمكنه من المضي في أساليب التسويف والمماطلة والتهرب التي عودنا عليها على امتداد الأزمة السورية، ولابد أن يتيح له هذا الوقت الفرصة لممارسة المزيد من التنكيل بالشعب السوري، أو المحاولة لاستعادة شرعيته التي فقدها بإرادة غالبية المجتمع الدولي.
أما الجامعة العربية تقف عاجزة عما يجري في سورية، وليس ذلك لأنه بإمكانها أن تفعل شيئا ولم تفعله بل لأن الواقع السياسي واللوجستي يجعل من الصعوبة أن تلعب الجامعة العربية أي دور فعال في سورية، ذلك أن الدول التي تشكل الجامعة العربية مختلفة في تكويناتها ومواقفها السياسية مما يجري في ذلك البلد، كما أن الظروف الجغرافية تجعل من الصعب التدخل العسكري في سورية، وبالتالي فإن أي مساعدة يمكن أن تقدمها الجامعة العربية للشعب السوري تعتبر من المستحيلات، كذلك فإن التعويل على الموقف الدولي الذي لا يبدو واضحا كل الوضوح إلا في ظلال قليلة، يمكن أن ننظر إليه من زاويتين، أولا زاوية الدول التي تؤيد النظام السوري تأييدا واضحا، وزاوية الدول التي تزعم أنها تقف موقفا محايدا وتريد أن تجد مخرجا لما يجري في هذا البلد.
أما الدول التي تؤيد النظام السوري فهي روسيا والصين وإيران، وبكل تأكيد فإن موقف الصين وروسيا يعتمد على استراتيجيات قديمة عندما كان العالم مقسما إلى شرق وغرب، وفي ذلك الوقت كانت هاتان الدولتان تريدان مواضع قدم لهما في الشرق الأوسط وكانت سورية من أهم المواقع، كما كانتا تتبادلان معها الفوائد التجارية والاقتصادية خاصة ما يخص تجارة السلاح. ويختلف موقف إيران قليلا إذ يعتقد الكثيرون أن صمود النظام السوري في الوقت الحاضر يعتمد على ما تقدمه له إيران من دعم عسكري ولوجستي، أما لماذا تفعل إيران ذلك، فلأن الكثيرين يعتقدون أن الحرب في سورية ذات ملامح طائفية وأن إيران تنحاز للطائفة العلوية التي تحكم سورية.
أما المواقف الغربية فهي متباينة بكون معظم الدول الغربية تخشى من التدخل الواضح في الشأن السوري خوفا من حدوث مواجهة بينها وبين الدول التي تؤيد الموقف السوري، كما أن الدول الغربية لم تستطع حتى الآن قراءة الموقف السوري قراءة صحيحة لا سيما في ما يخص تأثير هذا الموقف على إسرائيل وتداعياته على دول المنطقة، والمجتمع الدولي غالباً ما يبرر عدم تدخله في سوريا بحجج من قبل عدم وجود معارضة موحدة، عدم وجود بديل سياسي جاهز لنظام الأسد، الفيتو الروسي الصيني وما إلى ذلك من مبررات لتأخره في عدم المشاركة بحماية الشعب السوري. أي انه دائماً ما يحور النقاش حول الأزمة في سوريا ليغرق بالتفاصيل متناسياً جوهر هذه الثورة المتمثل في شعب يقتل بشكل يومي نتيجة مطالبته بحقوقه الأساسية في الحرية والعدالة والمساواة.
وللأسف أصبح الشعب السوري الذي يعاني من أكبر مأساة إنسانية يواجهها شعب في العصر الحديث، مجرد أرقام من الشهداء ولا أحد يكترث لما يحصل.”يا الله مالنا غيرك يا الله”عبارة قالها الشعب الثائر منذ بداية الثورة.