بعد يوم واحد من تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، سوف يجتمع أبرز قادة أحزاب اليمين الشعبوي الأوروبي في مدينة كوبلنز الألمانية، وهو ما يراه المراقبون استعراضاً للقوة يستهدف الاتحاد الأوروبي.
اكتسب هذا اللقاء اهتماماً واسع النطاق في ألمانيا باعتباره اللقاء العلني الأول الذي يجمع بين فروك بيتري رئيسة حزب البديل من أجل ألمانيا AFD، ومارين لوبان رئيسة الجبهة الوطنية الفرنسية، كما سيلقي كل من جيرت فيلدرس السياسي الهولندي المعادي للإسلام، وماتيو سالفيني زعيم حزب رابطة الشمال الإيطالي كلمة في المؤتمر السنوي الذي يستمر ليوم واحد، والذي نظمه ماركوس بريتزل وهو أحد أعضاء حزب البديل من أجل ألمانيا، وعضو في البرلمان الأوروبي بحسب تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
اعتبر المعلقون السياسيون الألمان هذا الاجتماع علامة تحول حزب البديل من أجل ألمانيا إلى اليمين، وذلك بسبب ربط الكثير من الألمان الجبهة الوطنية الفرنسية على وجه التحديد بمعاداة السامية واتخاذ مواقف يمينية متطرفة.
يتعاملون كما ترامب
أثار حزب البديل من أجل ألمانيا خلافاً قبل بداية ذلك الحدث عندما منع مسؤولو الحزب العديد من الصحفيين من حضور المؤتمر، وهي الخطوة التي قال الكثيرون عنها أنها انعكاس لسلوك ترامب تجاه وسائل الإعلام.
صرح ماركوس بريتزل منظم المؤتمر وزوج بيتري رئيسة الحزب خلال مقابلة هاتفية مع صحيفة الواشنطن بوست، مبدياً ازدراءه للصحفيين قائلاً “أنا لا أحب طريقة عملكم، ولا آبه لما تكتبون”، كما رفض الإجابة تقريباً على جميع تساؤلات الصحيفة حول المؤتمر، ومن ثم أنهى بريتزل المكالمة فجأةً، ولكن ليس قبل أن يشير إلى أنه لم يتعظ من ترامب، إذ قال “لقد قمت أكثر من ترامب بمعاملة الصحافة كما يجب بالضبط”.
قال تيمو لكوسكي الخبير في الأحزاب اليمينية الشعبوية إن تعامل حزب البديل من أجل ألمانيا مع وسائل الإعلام هو جزء من استراتيجية العلاقات العامة الذكية، ويقول “إنك إن أقصيت ثلاثاً من وسائل الإعلام، فإن وسائل الإعلام الثلاثة تلك سوف تغطي الحدث بشكل أفضل، وإذا كان ناخبوك مرتابين بشكل عام فيما إذا كان ما يطلق عليه جودة الإعلام ينتج إعلاماً جيداً، فإن ما فعلته يعد شيئاً رائعاً”.
خطط إثارة الغضب
يبدو أن ما يراه المحللون نظيراً آخر لترامب من إثارة الجدل، هو جزء أساسي من استراتيجية حزب البديل من أجل ألمانيا للانتخابات البرلمانية الألمانية القادمة، ووفقاً لما كشفته وثيقة داخلية، فإن الحزب يريد استخدام “استفزازات خُطط لها بعناية” لإثارة غضب الخصوم السياسيين، ووفقاً لمنطق حزب البديل من أجل ألمانيا، فإن توجيه الأحزاب القائمة الاتهامات غير العادلة له، كفيل بأن يرفع شعبية الحزب بين الناخبين.
أثار بيورن هوك رئيس حزب البديل من أجل ألمانيا عن ولاية تورينجيا الألمانية موجة من الغضب عندما أطلق على النصب التذكاري للهولوكوست في برلين “نصب العار”، وقال عن ثقافة إحياء الذكرى الألمانية “غبية”، وقد دافع هوك عن تصريحاته التي أدلى بها أثناء خطابه في دريسدن، أنه لا يوجد خطأ في تسمية الإبادة الجماعية النازية “بالعار”، لكن بريتزل وزملاءه في الحزب يعتقدون أنه من الحكمة أن ينأوا بأنفسهم عن التعليق.
أثار خطاب هوك الكثير من الاهتمام، إذ يعتقد المحلل لكوسكي أن ذلك هو الغرض الأساسي من مؤتمر كوبلنز، وعلى الرغم من أن الحضور يتشاركون جميعاً في موقفهم من معاداة النخبوية، إلا أن حوارهم مع نظرائهم الأوروبيين ليس هو الجانب الأكثر أهمية في هذا المؤتمر، فوفقاً للكوسكي، فإن الهدف من هذا اللقاء هو تسليط الضوء على أخطاء الأحزاب السياسية القائمة، إذ قال لكوسكي “إن أغلب المصوتين لحزب البديل من أجل ألمانيا لا يصوتون لصالح الحزب، بل يصوتون ضد الأحزاب الأخرى”.
على الرغم من أن استفزازات الحزب قد تأتي بنتائج عكسية في ألمانيا، إلا أن الانتقاد الشديد لسياسة أنغيلا ميركل تجاه اللاجئين قد آتت ثمارها بنجاح، ويعد الحزب الذي أسس في عام 2013 قد حقق بالفعل نسباً لا بأس بها في استطلاعات الرأي، وهناك توقعات كبيرة بدخوله البرلمان الألماني للمرة الأولى في تاريخه في فصل الخريف القادم.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة Washington Post. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.
ترجمة هافينغتون بوست عربي