الأناضول
قدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أعداد الشباب المطلوبين في قوائم السوق، التي أعدتها شعب تجنيد النظام، من أجل خدمة التجنيد الإجبارية بحوالي نصف مليون شاب، معظمهم من محافظة حماة، ثم دمشق، واللاذقية، وطرطوس.
جاء ذلك في تقرير للشبكة صدر اليوم الثلاثاء، ووصل الأناضول نسخة منه، أوضحت فيه أن “أعمار الشباب تراوحت ما بين 28 و35 عاما، بحسب ما حصلت عليه من معلومات من عدد كبير من الشباب الذين زاروا مراكز التجنيد، واطلعوا على تلك القوائم، لمعرفة هل أسماءهم موجودة فيها ام لا”.
ولفتت الشبكة إلى أن “السلطات السورية لم تصدر أي قرار رسمي بكل ذلك، لكنها وزعت تلك القوائم، وبدأت بعمليات الدهم والاقتحام ثم الاعتقال في العديد من المحافظات، مما يشير إلى منهجية وسياسة تطبيق مركزية، كما دفعها إلى عمليات دهم وخطف واعتقال، تركزت في مدينة حماة ودمشق وجبلة واللاذقية، إضافة إلى الحواجز العسكرية التي اعتقلت عشرات الشباب الذين لايحملون وثيقة تثبت تأجيلهم من الخدمة العسكرية”.
من ناحية أخرى، قدرت الشبكة “أعداد الشباب الذين طالتهم عمليات الاعتقال منذ إصدار القوائم حتى إصدار التقرير بما لا يقل عن 3700 شخص، تمكنت من تسجيل أسماء وتفاصيل نحو ألف منهم”، مذكّرة بأنها كانت قد “سجلت في تقرير سابق 47 حالة اعتقال في يوم واحد في مدينة جبلة وحدها بمحافظة اللاذقية”.
وأضافت أيضا أن “مناطق سيطرة النظام تعتبر مستقرة أكثر من المناطق الخاضعة للمعارضة، لكن الوضع تغير، وبدأت عمليات استنزاف الشباب فيها، منذ 15 تشرين الأول/أوكتوبر الماضي، وذلك مع إعداد السلطات الحكومية قوائم بأسماء المطلوبين للتجنيد الأجباري، ولقوات الاحتياط الذين أنهوا الخدمة العسكرية، وبشكل خاص اختصاصات الدبابات والمدفعية والدفاع الجوي، ثم توزيع تلك القوائم على كافة مراكز شعب التجنيد في كل المدن التي تقع تحت سيطرتها، وتعميم تلك الأسماء على كافة الحواجز العسكرية أيضا”.
وأرجعت الشبكة “أسباب إقدام القوات الحكومية على ذلك، إلى تعويض النقص الكبير في القوات الحكومية من جهة، وفي الميليشيات الشيعية الخارجية من جهة أخرى، وتحديدا الميليشيات العراقية التي انسحب قسم كبير منها لمواجهة تنظيم داعش، وكذلك حصول ضباط في القوات الحكومية العاملين في مراكز وشعب التجنيد، ووزارة الدفاع والشرطة العسكرية وغيرها على مبالغ مالية طائلة، وذلك مقابل عمليات الابتزاز، أو الرشوة، للشباب الراغبين بشطب أسمائهم من تلك القوائم”.
وفي نفس الإطار، قالت الشبكة أن “الشاب السوري بات أمام خيارين، إما الالتحاق بالقوات الحكومية، أو الهروب خارج البلاد، وبالتالي تفريغ مئات الآلاف من شبابها في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، وقد بدأ آلاف الشباب بالتوافد إلى تركيا من مختلف المناطق الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، وبشكل خاص من أحياء مدينة حلب”.
كذلك أوردت الشبكة أن “رفض كثير من المعتقلين الالتحاق بصفوف القوات الحكومية، أخضعتهم إلى أساليب التعذيب الوحشية التي تنتهجها منذ عام 2011، ومازالت مستمرة حتى اللحظة، وقد تسبب ذلك التعذيب بمقتل ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص حتى اللحظة، هم من تمكن أهلهم من الإبلاغ بذلك، أبرزهم الشاب معاذ جلول 34عاما، حيث اعتقل من منزله في مدينة اللاذقية في 30 أيلول/ سبتمبر، ومع استمرار رفضه الالتحاق بالخدمة الإجبارية، سلمت جثته بعد مرور 11 يوما للمشفى الوطني في اللاذقية، وعليها آثار التعذيب”.
وأفاد الشبكة أن “الأدارة العامة للهجرة والجوزات أصدرت في الأول من كانون الأول/ ديسمبر 2014، قرارا ينص بعدم السماح للشباب لمن هم دون الأربعين عاما بالسفر على الإطلاق، حتى من أدى منهم الخدمة العسكرية، وذلك إلا بعد حصولهم على موافقة من شعب التجنيد في منطقتهم، لتبدأ المعابر الحدودية الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية بتطبيق هذا القرار، في وقت طلبت فيه الدوائر الحكومية من موظفيها أظهار مايسمى (بيان وضع) يستطيعون الحصول عليه من شعبة التجنيد، وهو بمثابة وثيقة تثبت بأنهم غير مطلوبين للخدمة الاحتياطية، وكل من لايحصل على تلك الوثيقة يفصل من عمله الحكومي”. وكشفت أن “القوات الحكومية تعمل على تحويل جميع الشباب الذين تعتقلهم من داخل منازلهم أو مقرات عملهم، إلى الشرطة العسكرية من أجل فرزهم وتوزيعهم على مختلف المحافظات لخوض المعارك”.
هذا، واقترب الصراع في سوريا من دخول عامه الخامس، والذي خلّف نحو 200 ألف قتيل، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، وأكثر من 300 ألف قتيل بحسب مصادر المعارضة السورية، فضلاً عن أكثر من 10 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها.
ومنذ منتصف مارس/آذار (2011)، تطالب المعارضة السورية بإنهاء أكثر من (44) عاماً من حكم عائلة الأسد، وإقامة دولة ديمقراطية يتم فيها تداول السلطة. غير أن النظام السوري اعتمد الخيار العسكري لوقف الاحتجاجات، ما دفع سوريا إلى معارك دموية بين القوات النظامية، وقوات المعارضة، ما تزال مستمرة حتى اليوم.