“سوف أنهي دراستي الثانوية ومن ثم أنهي الدراسة الجامعية وأذهب لخدمة العلم، وأعود لأتزوج وأبني عائلة”.. تلك كانت أفكار وطموحات معظم الشباب السوريين قبل اندلاع الثورة السورية منذ قرابة الخمسة أعوام، ولكن بعد اندلاعها كان للشاب السوري توجهات أخرى، فانقسم الشاب بين مؤيد ومعارض ومحايد وكان لكل منهم سبب وجيه دفعه لما هو عليه.
المحايد شاب لم ينحاز لأي جهة خلال الثورة والذي ركز غالبا على دراسته و حياته الاعتيادية ولكن مع اشتداد وتيرة المعارك و التشديد الأمني المكثف من قبل النظام، إضافة لقلة فرص التعليم الجيد، حيث أن معظم الجامعات والمدارس السورية تحولت خلال الثورة إلى مقرات وثكنات عسكرية لجأ هذا النوع لهجرة البلد أو التزام البيت.
خالد شاب سوري محايد يقول : ” حاولت جاهدا تجنب المشاكل خلال الأزمة ولكن عناصر أمن النظام شددت في الآونة الأخيرة على الفئة الشابة وكثفت سحب الاحتياط، (الخدمة الالزامية) لذلك قررت الهجرة لألمانيا لاستكمال الدراسة”.
أما الشاب المعارض فقد اندمج غالبا مع الحراك الثوري والتحق بأحد كتائب الثوار، تاركا وراءه الدراسة والأحلام والطموحات التي بناها، لعدة أسباب ومنها الدفاع عن الأرض والعرض أو من أجل عزيز فقده بسبب النظام، وكان لابد من شباب أمثالهم ليقفوا أمام قمع النظام السوري وبطشه ليضعوا له حدا يمنعه من ارتكاب المجازر بحق المدنيين.
محمد أحد شباب مدينة ادلب المحررة والذي التحق بكتائب الثوار في أولى حركاتها يقول : “كنت من النوع الذي يرفض فكرة حمل السلاح والذي اكتفى بالتظاهر السلمي، ولكن في أحد المظاهرات من يوم الجمعة وبينما كانت حناجرنا تصدح بهتاف إسقاط النظام قامت قوات النظام بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، وأصابت إحدى الرصاصات أبي برأسه مما أدى لاستشهاده على الفور، ومنذ تلك اللحظة أدركت أن الحراك السلمي لن يجدي نفعا والتحقت بالحراك المسلح للأخذ بثأر والدي”.
والقسم المؤيد من الشباب السوري وهو ذلك النوع الذي صدق نظرية الأسد ” المقاومة والممانعة، وعصابات مسلحة إرهابيون ومندسون يجب القضاء عليهم” وإلى ما هنالك من الشعارات الرنانة التي أطلقها النظام السوري ورئيسه على الشعب الثائر، ومنهم من أغرتهم تلك العروض المادية التي قدمها النظام السوري للمتطوعين في صفوف اللجان الشعبية من سلاح وراتب شهري مغري مع ضوء أخضر لفعل كل ما يحلو لهم من تخريب وتعذيب للشعب الثائر.
وفي النهاية فقد العديد من الشباب السوري حياتهم من مختلف التوجهات والأنواع، ففي 15 مارس 2015، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان سقوط 215 ألف و518 قتيل منذ بدء الحركة الاحتجاجية، 39 ألفاً و227 منهم من كتائب المعارضة وبينهم المقاتلين الأكراد السوريين. أما قوات النظام فقد خسرت 46 ألفاً و138 جنديا و30 ألفاً و662 من قوات الدفاع الوطني.
ويمضي الشباب السوري في حياته التي باتت محفوفة بالمخاطر في ظل وتيرة الحرب المتزايدة، مقتنعا كل حسب نظرته بما يفعل وظناً منهم أنهم يمشون في الطريق الصحيح الذي يوصل للهدف المنشود، بينما الحقيقة المرة هي هؤلاء يفقدون أرواحهم بشكل يومي في سبيل الوصول للأهداف المتضادة التي تعبر عن أفكارهم وقناعاتهم.
محمد المحمود
المركز الصحفي السوري