طالما ارتبطت كلمة الحرب وأوجاعها المريرة بكلمة فراق وموت، وما تخلفه هذه الكلمة من مشاعر مؤلمة واشتياق متعب، خاصة في زمن الحرب السورية وسنواتها المفجعة التي خلفت آلاف حالات الهجرة والفقدان.
امتدت حتى الجماهيرية الليبية من خلال هجرة المئات من الشباب للقتال هناك.
يتحدث محمد الهاشم بعينين مليئتين بشوق واضح وقلب توّاق لرؤية أهله في سوريا، وهو من مدينة قلعة المضيق في ريف حماة الغربي.
شاب أسمر في العقد الثاني من العمر، يقول محمد “أنا حاليا بطرابلس الليبية اجيت مع مجموعة كبيرة من الشباب السوريين بالشهر السادس هيي السنة، وانضمينا هون لفصائل عسكرية” آمِلاً بتحقيق مستوىً معيشيّ جيد، بعد أن ترك القتال ضد قوات النظام في سوريا.
يتابع محمد حديثه وهو يسرّح شعره ويضع قبعته الزيتية بجانبه “اشتقت لأهلي بسوريا وهني مو متعودين اتركون كل هالفترة”
موضحاً مشاركته في القتال ضد قوات نظام الأسد على مر سنوات الثورة السورية، ولكن اختار في الآونة الأخيرة الذهاب إلى ليبيا مع رفاقه الذين اكتسبوا خبرة قتالية، من خلال انضمامهم لصفوف الثوار في سوريا وكذلك المنشقين عن جيش النظام.
لدى محمد اثنان من الأخوة هم سعيد ومريم، يذكرهما باستمرار ويستذكر الأيام الجميلة التي جمعته بهما، رغم قسوة الظروف والحرب الشرسة في سوريا، فيقول حزيناً والغصة تخنق صدره “لعبنا سوا وكبرنا سوا مع انو هالحرب ماخلتنا نعيش طفولتنا”
مبيناً حجم المعاناة في فراق عائلته وأخوته وشوقه للعودة إليهم، بعد إنهاء فترة خدمته في ليبيا في رأس السنة الميلادية الجديدة، إن بقي سالماً وعلى قيد الحياة.
كما الحرب في سوريا، هي في ليبيا تدمر وتقتل وفي حكاية الشاب الثلاثيني فادي البدر، وهو من ريف إدلب الجنوبي، ألم موجع سكن قلب أمه بعد أن قرر السفر إلى ليبيا للقتال هناك، بعد سنوات من القتال ضمن صفوف الثوار في سوريا ضد نظام الأسد، بعد أن تمت ملاحقته من إحدى الفصائل العسكرية في الشمال السوري، تقول أمه بقلب آلمته حادثة الفراق الأبدي وأوجعته صدمة خبر الوفاة “كان يقلي ع طول ازا متت لاتزعلي بس ادعيلي بالرضا”
وما زاد ألم أم فادي عدم قدرتها على رؤيته وتوديعه فقد دفن في ليبيا بعد إصابته في إحدى المعارك.
الفراق هو نهاية اللقاء بمن نحب، سواء أكان بالسفر أو الموت أو أياً كان السبب، فإن الفراق أصعب من أن نواجهه ،فالزمان يُبعد ما بين الأشخاص، أما الموت فيُنهي كل شيء.
ولكن تبقى الذكريات الحزينة حيث لا تموت مهما مضى من سنين.
في حين تبقى الحروب هي الواقع الأسوأ الذي ينهي حياة الكثيرين ونحن نتجرع كأس مرارتها وفواجعها.
قصة خبرية / خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع