يبدو أن اجتماع سوريين ينتمون إلى مناطق متعددة، في مدينة واحدة بأوروبا، كان له الكثير من المساوئ على علاقتهم ببعضهم البعض، إذ أن البعض استغل فرصة عدم معرفة الآخرين به، ليقدم معلومات مغلوطة عن وضعه الاجتماعي والثقافي بما فيها المحافظة التي ينتمي إليها، ووصل الأمر في بعض الأحيان إلى حد إعطاء اسم مختلف عن اسمه الحقيقي.
يقول “عبد السلام . ش” وهو مهندس مقيم في أحد المدن الفرنسية منذ عشر سنوات، إنه جاء إلى نفس المدينة سبعة أسر سورية لاجئة، وقد حاول في البداية الاحتكاك بها، إلا أن بعض أرباب هذه الأسر قدموا معلومات غير صحيحة أبداً عن حياتهم، إذ ادعى أحدهم أنه يحمل ثلاث شهادات بكالوريا وأنه درس ثلاثة فروع جامعية لم يكمل أياً منها.
ويتابع: “لكن من مستوى حديثه وتصرفاته، تدرك أنه لم ينه المرحلة الابتدائية. فهو لا يتقن أي كلمة باللغة الإنكليزية، بما فيها الكلمات البسيطة، وهو ما يتناقض تماماً مع ادعائه”.
ويضيف، أنه تعرف كذلك على سوري آخر، لم يكن لديه شك ولا واحد بالمئة أنه “قرباطي”، كونه صادف أحد أقاربه الذي لم يخف أصله. لكن هذا الشخص نسب نفسه إلى أحد العشائر العربية العريقة في سوريا، وادعى إضافة لذلك، أنه كان يملك محالاً تجارية في سوريا لكنه تركها بسبب موقفه السياسي.
ويرى عبد السلام أن ذلك من الأسباب التي دفعت السوريين إلى الابتعاد عن بعضهم البعض، بعد عدد محدود من محاولات الاحتكاك والتواصل، لأن حبل الكذب قصير بحسب وصفه، ولا بد أن يظهر الشخص على حقيقته عاجلاً أم آجلاً.
ونفس المعاناة يسردها “عدنان، ق”، اللاجئ في بلجيكا وهو كان يعمل في سوريا طبيباً، إذ يقول إنه قلما صادف في محيطه، سورياً صريحاً وصادقاً في المعلومات التي يقدمها عن نفسه، فقد لاحظ أن البعض يعتقدون أنه كونهم في أوروبا، فإنه يجب أن يتحدثوا عن الشهادات العلمية التي بحوزتهم، وفي حال عدم وجودها فإنهم يقولون عن أنفسهم أنهم كانوا تجاراً وأغنياء جداً في سوريا، إلا أن ظروف الحرب هي التي أفقدتهم كل شيء واضطرتهم للجوء إلى أوروبا.
أما “أيمن، ج”، المقيم في فرنسا، فيروي قصة غريبة، أنه تعرف على سوري في الطريق عبر البحر من تركيا، وأقاما في اليونان أشهراً طويلة، إلى أن استطاعا الوصول سويةً إلى فرنسا، حيث يقول، إنه فوجئ فيما بعد أن شريك دربه، أعطاه اسماً غير اسمه الحقيقي، كما أنه نسب نفسه لمنطقة غير منطقته في سوريا.
ويتابع: “لقد اكتشفت كل ذلك دفعة واحدة، عندما لاحظت أنه كان حريصاً على إخفاء أوراقه وكل ما يتعلق به، وحتى عندما كانوا ينادون عليه باسمه الحقيقي، كان يقول لي أنه كذب عليهم وأعطاهم اسماً آخر، كونه يريد أن يبدأ حياة جديدة هنا”.
ويضيف: “في أحد المرات وقع بين يدي صورة عن هويته الشخصية السورية، لأكتشف سبب إخفائه لكل ما يتعلق به، إذ أنه كان ينتمي لطائفة من الأقليات، وعلى ما يبدو أنه كان مؤيداً للنظام، ويعتقد أن ذلك قد يسبب له مشكلة مع باقي السوريين الذين سيتعرف عليهم”. ولفت إلى أنه منذ عرف هذه المعلومات وواجهه بها، لم يره بعدها.
وفي ألمانيا، يشتكي الكثير من السوريين، من مشكلة الكذب في المعلومات التي يقدمها البعض عن أنفسهم، فالكل أبناء ذوات، والكل تركوا أمجاداً خلفهم، كما أن الكثير منهم كانوا من قيادات الثورة، لكنهوا غادروها بعد أن شاهدوا بعض الانحرافات فيها، وكي لا يقال عنهم أنهم حرامية.. هكذا يلخص مروان، حال بعض السوريين الذين تعرف إليهم في ألمانيا، ثم يقول إنه أصبح يتعامل بحذر مع كل سوري يتعرف إليه حديثاً، ولا يأخذ كلامه على محمل الجد.. وأنه بات يفضل التعامل فقط مع الأشخاص الذين كان يعرفهم في سوريا أو من تأكد من صدقهم.
المصدر قاسيون